للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِىَ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا شَانُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. قُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَاسِهَا، أَىْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَاّنِى الْغَشْىُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَاسِى الْمَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ

ــ

يسيرة ولها قريب من مائة سنة وقط ما ادخرت شيئاً لغد وإنها وابنها وجدها وأباها أربعة صحابيون وكانت من أعبر الناس للرؤيا وتعلمته من أبيها أبي بكر رضي الله عنهم. قوله (ما شأن الناس) أي قائمين مضطربين فزعين (فأشارت) أي عائشة رضي الله عنها إلى السماء يعني انكسفت الشمس (فإذا الناس قيام) أي لصلاة الكسوف وقيام جمع قائم. قوله (سبحان الله) سبحان علم للتسبيح أي التنزيه. فإن قلت فكيف أضيف. قلت نكر فأضيف وقال ابن الحاجب كونه علماً إنما هو في غير حاله الإضافة وهو مفعول مطلق التزم إضمار فعله. قوله (آية) بهمزة الاستفهام وحذفها خبر مبتدأ محذوف أي أهي آية أي علامة لعذاب الناس كأنها مقدمة له قال تعالى (وما ترسل بالآيات إلا تخويفاً) أو علامة لقرب زمان القيامة وأمارة من أماراتها أو علامة لكون الشمس مخلوقة داخل تحت النقص مسخرة بقدرة الله تعالى ليس لها سلطنة على غيرها بل لا قدرة لها على الدفع عن نفسها، فإن قلت ما تقول فيما قال أهل الهيئة أن الكسوف سببه حيلولة القمر بينها وبين الأرض فلا ترى حينئذٍ إلا نور القمر وهو كسد لا نور له وذلك لا يكون إلا في آخر الشهر عند كون النيرين في إحدى عقدتي الرأس والذئب وله آثار في الأرض هل جاز القول به أم لا؟ قلت المقدمات كلها ممنوعة ولئن سلمنا فإن كان غرضهم أن الله تعالى أجرى سنته بذلك كما أجرى باحتراق الحطب اليابس عند مساس النار له فلا بأس به وإن كان غرضهم أنه واجب عقلاً وله تأثير بحسب ذاته فهو باطل لما تقرر أن جميع الحوادث مستندة إلى إرادة الله تعالى ابتداء ولا مؤثر في الوجود إلا الله. قوله (فقمت) أي للصلاة حتى علاني وفي بعضها تجلاني (الغشي) وهو بفتح الغين وإسكان الشين وروى أيضاً بكسر الشين وتشديد الياء وهو مرض معروف يحصل بطول القيام في الحر وغير ذلك وعرفه أهل الطب بأنه تعطل القوى المحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح كله إليه. فإن قلت فإذا تعطلت القوى فكيف صبت الماء. قلت أرادت بالغشي الحالة القريبة منه فأطلقت الغشي عليها مجازاً أو كان الصب بعد الإفاقة منه. قوله (ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته) ولفظ أريته بضم الهمزة قال العلماء يحتمل أنه رأى رؤية عين بأن كشف الله تعالى عن الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>