للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ

بَاب فِي الْأَمَلِ وَطُولِهِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} وَقَوْلِهِ {ذَرْهُمْ يَاكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ارْتَحَلَتْ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً وَارْتَحَلَتْ الْآخِرَةُ مُقْبِلَةً وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ {بِمُزَحْزِحِهِ}

ــ

و (كأنك غريب) كلمة جامعة لأنواع النصائح إذ الغريب لقلة معرفته بالناس قليل الحسد والعداوة والحقد والنفاق والنزاع وسائر الرذائل التي منشأها الاختلاط بالخلائق ولقلة إقامته قليل الدار والبستان والمزرعة والأهل والعيال وسائر العلائق التي هي منشأ الاشتغال عن الخالق، فإن قلت الغريب هو عابر سبيل فما وجه العطف عليه، قوله (العبور) لا يستلزم الغربة والمبالغة فيه أكثر لأن تعلقاته أقل من تعلقات الغريب فهو من باب عطف العام الخاص وفيه نوع من الترقي والترغيب إلى الآخرة والتوجه إليها وأنها المرجع ودار القرار والزهد في الدنيا والموت ونحو ذلك، قوله (خذ) أي خذ بعض أوقات صحتك لوقت مرضك يعني اشتغل في الصحة بالطاعة بقدر مالو وقع في المرض تقصير تدرك بها، قوله (في الأمل) فإن قلت ما وجه مناسبة الآية الأولى للترجمة قلت صدرها وهو قوله تعالى «كل نفس ذائقة الموت» أو عجزها وهو «وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور» أو ذكر لمناسبة قوله تعالى «وما هو بمزحزحه» إذ في تلك الآية «يود أحدهم لو يعمر ألف سنة» والله أعلم، قوله (عمل) فإن قلت اليوم ليس عملا بل فيه العمل ولا يمكن تقدير في وإلا وجب نصب عمل

<<  <  ج: ص:  >  >>