للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَاناً فَأَفْرَغَهُ فِى صَدْرِى ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَعَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا

ــ

و (يونس) فيه ستة أوجه و (أبو ذر) بتشديد الراء والصحابيان تقدما في أول كتاب الإيمان والباقون في الوحي. اعلم أنهم اتفقوا على أن الصلوات الخمس إنما فُرضت ليلة الإسراء لكن اختلفوا في وقت الإسراء. قال القاضي عياض: اختلفوا فيه فقيل إنما كان ذلك في المنام والحق الذي عليه الأكثر ومعظم السلف أنه أسرى بجسده والآثار تدل عليه ولا يعدل عن الظاهر إلا لضرورة ولا ضرورة هنا وأما وقته فقيل كان ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة. وقال الزهري كان بعد مبعثه بخمس سنين وهو الأشبه إذ لم يختلفوا أن خديجة صلت معه بعد فرض الصلاة عليه ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة إما بثلاث سنين أو بخمس سنين. قوله (فُرج) بضم الفاء وخفة الراء المكسورة وأضاف البيت إلى نفسه بأدنى ملابسه إذ ثبت أنه كان حينئذٍ في بيت أم هانئ فإن قلت قد روى أيضاً أنه كان في الحطيم فكيف الجمع بينهما. قلت إن كان العروج مرتين كما قيل أنه كان مرة في النوم وأخرى في اليقظة فظاهر. وإن قلنا أنه مرة واحدة فلعله - صلى الله عليه وسلم - بعد غسل الصدر دخل بيت أم هانئ ومن ثمة عرج به إلى السماء. قوله (زمزم) بفتح الزايين غير منصرف اسم للبئر الذي في المسجد الحرام و (الطست) بفتح الطاء وسكون السين المهملتين الإناء المعروف وقد تكسر الطاء وقد تدغم السين في التاء بعد قلبه وهو مؤنث وليس فيه ما يوهم جواز استعمال إناء الذهب لنا فإنه فعل الملائكة ولا يلزم أن يكون حكمنا حكمهم أو أنه كان قبل تحريم أواني الذهب وإنما ذكره هنا نظراً إلى معناه وهو الإناء، وأما جعل الإيمان والحكمة في الإناء وإفراغهما مع أنهما معنيان وهذه صفة الأجسام فمعناه أن الطست كان فيه شئ يحصل به كمال الإيمان والحكمة وزيادتهما فسمي حكمة وإيماناً لكونه سبباً لهما وهذا من أحسن المجازات أو أنه من باب التمثيل أو تمثل له - صلى الله عليه وسلم - المعاني كما تمثل له أرواح الأنبياء الدارجة بالصور التي كانوا عليها. قوله (أطبقه) يقال أطبقت الشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>