للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعل النبي - عليه السلام - هذا في الليالي الطوال.

قوله: "ثم إن كانت له حاجة" أرادت عائشة بهذا الكلام الجماع، ولكنها ذكرته بالكناية للأدب.

قوله: "ثم ينام قبل أن يمسّ ماء" أرادت به الماء الذي يغتسل به لا الماء الذي يتوضأ.

فإن قيل: من أين قلت: إنها أرادت به الماء الذي يغتسل به؟ ولم لا يجوز أن تكون أرادت الماء الذي يتوضأ به؟

قلت: قالوا هذا حتى لا تتضادّ الآثار؛ لأنه قد أخبر في هذا الحديث نفسه أنه إذا كان جنبًا توضأ ثم نام، وكذلك الأحاديث الصحاح عن عائشة وغيرها أنه كان لا ينام إذا كان جنبًا حتى يتوضأ وضوئه للصلاة.

فإن قيل: كيف يجوز النوم على الجنابة وقد جاء في حديث علي - رضي الله عنه - عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة، ولا كلب، ولا جنب".

أخرجه أبو داود (١)، والنسائي (٢)، فما وجه التوفيق بين الحديثين؟.

قلت: المراد بالجنب الذي لا تدخل الملائكة بيتًا هو فيه هو الذي يجنب فلا يغتسل، ويتهاون به، ويتخذه عادةً، وأما الجنب الذي لا يتخذ هذا عادة، ولا يترك الاغتسال إلى أن تفوته الصلاة لا يضرّ دخول الملائكة البيت؛ فإنه - عليه السلام - كان ينام وهو جنب، وقال الخطابي: قوله: ولا جنب، ولا جِبْت بكسر الجيم وسكون الباء الموحدة، وبالتاء المثناة من فوق، وجُنب تصحيف.

فإن كان هذا صحيحًا فلا اعتراض حينئذ.

وقال الصغاني في "العباب": الجبت كلمة تقع على الصنم، والكاهن،


(١) "سنن أبي داود" (١/ ٥٨ رقم ٢٢٧).
(٢) "المجتبى" (١/ ١٤١ رقم ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>