للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان الإسراء وفرض الصلوات الخمس قبل الهجرة بعام، فعلى هذا يُحمل قول عائشة - رضي الله عنها - في رواية البخاري ومن معه: "وزيد في صلاة الحضر" أي زيد فيها حتى تكملت خمسًا، فتكون الزيادة في الركعات وفي عدد الصلوات، ويكون قولها: "فرضت الصلاة ركعتين" أي قبل الإسراء.

وقد قال بهذا طائفة من السلف منهم ابن عباس، وقال بعضهم: لم يُوجَد هذا في أثر صحيح.

وقال بعضهم: يجوز أن يكون معنى "فرضت الصلاة" أي ليلة الإسراء حين فرضت الصلوات الخمس فرضت ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر بعد ذلك كما تشير إليه رواية الطحاوي هذه، وممن قاله هكذا: الحسن والشعبي فقالا: إن الزيادة في صلاة الحضر كانت بعد الهجرة بعام أو نحوه. وقد قيل: فرضت الصلاة ركعتين يعني إن اختار المسافر أن يكون فرضه ركعتين فله ذلك، وإن اختار أربعًا فله ذلك.

وقال الخطابي: هذا قول عائشة عن نفسها وليست برواية عن رسول الله - عليه السلام - ولا حكايته عن قوله - عليه السلام - وقد روي عن ابن عباس مثل ذلك عن قوله، فيحتمل أن يكون الأمر في ذلك كما قالاه؛ لأنهما عالمان فقيهان قد شهدا زمان رسول الله - عليه السلام - وصحباه، وإن لم يكونا شهدا أول زمان الشريعة وقت فرض الصلاة على النبي - عليه السلام - فإن الصلاة فرضت علية بمكة، ولم تلق عائشة - رضي الله عنها - رسول الله - عليه السلام - إلا بالمدينة، ولم يكن ابن عباس - رضي الله عنهما - في ذلك الزمان مَنْ يعقل الأمور ويعرف حقائقها، ولا يَبْعد أن يكون قد أخذ هذا الكلام عن عائشة فإنه قد يفعل ذلك كثيرًا في حديثه، وإذا فتّشت عن أكثر ما يَرْويه كان ذلك سماعًا من الصحابة - رضي الله عنهم -، وإذا كان كذلك فإن عائشة نفسها قد ثبت عنها أنها كانت تُتم في السفر فتصلي أربعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>