للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقول وعلى الله اعتمادي، وبه توفيقي ورشدي وسدادي:

[مقدمة في حقيقة الصحابة والتابعين عليهم رضوان الله تعالى]

وأقتصر في هذا المبحث على ما ذكره فيه "فتح الباري"، سوى زيادات يسيرة من "المواهب" وشرحه للزَّرْقاني والنووي وغير ذلك، وأبدأ في تعريف الصحابي بما عرفه به البخاري.

قال البخاري في "صحيحه": الصحابي من صَحِب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه.

قال في "الفتح": يعني أن اسم صُحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحق لمن صحبه أقل ما يُطلَق عليه اسم الصحبة لغةً، وإن كان العُرف يُخصُّ ذلك ببعض الملازمة، فالصحابي مشتق من الصحبة، جارٍ على من صحب غيرَه قليلًا كان أو كثيرًا؛ يقال: صحبه شهرًا ويومًا وساعة، وهذا يوجب في حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو ساعة. وما ذكره البخاري هو الراجح، وسبقه إليه شيخُه علي بن المديني، وهو قول أحمد بن حَنْبل وجمهور المحدثين، وقال النووي: كافة المحدثين.

وذهب أكثر أصحاب الفقه والأصول إلى أنه مَنْ طالت صحبته، له - صلى الله عليه وسلم - قائلين: إن عُرف الأمة هو أنهم لا يستعملون لفظ الصحبة إلا فيمن كثرت صحبته، واتصل لقاؤه، ولا يجري ذلك على مَنْ لَقِيَ المرءَ ساعة، ومشى معه خَطَوات، وسمع منه حديثًا، فوجب أن لا يجري في الاستعمال إلا على من هذا حاله.

قال النووي: ويُستدل على ترجيح مذهب المحدثين بأنهم نقلوا عن أهل اللغة أن الاسم يتناول صحبة ساعة، وأكثر أهل الحديث قد نقلوا الاستعمال في الشرع والعرف على وفق اللغة، فوجب المصير إليه.

وعُلِم من قول البخاري: "أو رآه" أنه يُطلَق على من رآه رؤيةً، ولو

<<  <  ج: ص:  >  >>