للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الحادي والعشرون]

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِى دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ".

قوله: "مثل" بفتح الميم والمثلثة، والمراد به الصفة العجيبة، لا القول السائر. وقوله: "من الهدى والعلم"، الهدى هو الرشاد والدلالة، يذكر ويؤنث، والمراد به هنا الدلالة الموُصِّلة إلى المطلوب. والمراد بالعلم معرفة الأدلة الشرعية. وعطف العلم عليه من عطف المدلول على الدليل. وقد مر في أول كتاب العلم ما قيل في تفسير العلم.

وقوله: "أصاب أرضًا" جملة من الفعل والفاعل والمفعول، في موضع نصب على الحال، بتقدير قد. وقوله: "فكان منها نَقِيّة" أي: بالنون من النقاء، صفة لأرض محذوفة، وهذا هو الذي في جميع نسخ البخاري. وعند الخطّابي والحُميدي "ثَغِبَة"، بفتح المثلثة وكسر الغين المعجمة، بعدها موحدة خفيفة مفتوحة، وهي مستنقع الماء في الجبال والصخور. وقال القاضي عياض: هذا غلط في الرواية وإحالةٌ للمعنى؛ لأن هذا وصف الطائفة الأُولى التي تنبت، وما ذكره يصلح وصفًا للثانية التي تمسك الماء وما في نسخ البخاريّ هو مثل قوله في مسلم "طائفة طيبة". وفي رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>