للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وفي تشبيه السامعين بالأرض معنى بليغ جدًا، وهو أن بني آدم أصلهم من الأرض، وأجناسهم بحسب أجناس الأرض؛ لأن طينة أبيهم آدم، عليه السلام، أُخذت من جميع أجناس الأرض، كما قيل فصار في بني آدم، جميع أوصاف الأرض، من سبخة وأرض طيبة، ووعَرْ وحَزْن، وغير ذلك. ولم أر من تنبه لهذا المعنى.

وقال الطِّيْبيّ: بقي من أقسام الناس قسمان: أحدهما الذي انتفع بالعلم في نفسه، ولم يعلمه لغيره. والثاني من لم ينتفع به في نفسه وعلمه غيره. وما قاله من بقاء القسمين غير ظاهر، بل الظاهر، كما قال في "الفتح"، أن الأول داخل في الأول؛ لأن النفع حصل في الجملة، وان تفاوتت مراتبه، وكذلك ما تنبته الأرض، فمنه ما ينتفع الناس به، ومنه ما يصير هشيمًا. وأما الثاني، فإن كان عمل الفرائض، وأهمل النوافل، فقد دخل في الثاني كما مر، وإن ترك الفرائض أيضًا، فهو فاسق لا يجوز الأخذ عنه، ولعله يدخل في عموم من لم يرفع بذلك رأسًا.

قلت: ما قاله في الأخير غير ظاهر عندي، بل الظاهر أن الفاسق إذا علم غيره يكون داخلًا في قوله "فنفع الله به الناس" لما ورد في الأحاديث الصحاح من أن بعض أهل الجنة يقولون لبعض أهل النار "إنما دخلنا الجنة بتعليمكم ومواعظكم" ففسقه غير مانع من انتفاع غيره به، فينتفع بتعليمه، ويعذب بفسقه والله تعالى أعلم.

[رجاله خمسة]

الأول: محمد بن العلاء بن كرِيب أبو كَرِيب الكُوفّي الهَمْدانّي، الحافظ. قال أحمد بن حنبل: لوحدثت عن أحد ممن أجاب في المحنة لحدثت عن أبي مَعْمَر وأبي كُرَيب. وقال ابن نُمْير: ما بالعراق، أكثر حديثًا من أبي كريب، ولا أعرف بحديث بلدنا منه. وكان أبو العباس بن عُقبة يقدمه في الحفظ والمعرفة على جميع مشائخهم، ويقول: ظهر لأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>