للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في "الفتح" أيضًا: المراد بهذه الشفاعة المسؤول عنها هنا، بعضُ أنواع الشفاعة، وهي التي يقول صلى الله تعالى عليه وسلم: أمتي أمتي فيقال له: أخْرج من النار من في قلبه وزن كذا من الإيمان. فأسعد الناس بهذه الشفاعة من يكون إيمانه أكمل ممن دونه، وأما الشفاعة العظمى في الِإراحة من كَرْب الموقف، فأسعد الناس بها من يسبق إلى الجنة، وهم الذين يدخلونها بغير حساب، ثم الذين يلونهم، وهو من يدخلها بغير عذاب، بعد أن يحاسب ويستحق العذاب، ثم من يصيبه لفحٌ من النار ولا يسقط. والحاصل أن في قوله "أسعد" إشارة إلى اختلاف مراتبهم في السبق إلى الدخول لاختلاف مراتبهم في الإخلاص. ولذا أكَّده بقوله "من في قلبه" مع أن الإِخلاص محله القلب إلى آخر ما مر.

قال: وبهذا التقرير يظهر موقع قوله: "أسعد" وأنها على بابها من التفضيل، ولا حاجة إلى قول بعض الشُرّاح: "الاسعد" هنا بمعنى السعيد، لكون الكل يشتركون في شرطية الإخلاص, لأنا نقول يشتركون فيه، لكن مراتبهم فيه متفاوتة.

وحمل ابن بّطال قوله "مخلصا" على الإخلاص العام، الذي هو من لوازم التوحيد، ورده ابن المنير بأن هذا لا يخلو عنه مؤمن، فتتعطل صيغة أفعل، وهو لم يسأله عمن يستأهل شفاعة، وإنما سأل عن أسعد الناس بها، فينبغي أن يحمل على إخلاص خاص، مختصٍ ببعض دون بعض، ولا يخفى تفاوت رتبه. وفي الحديث دليل على اشتراط النطق بكلمتي الشهادة لتعبيره بالقول في قوله "من قال". وفيه فضل أبي هُريرة، وفضل الحرص على تحصيل العلم.

رجاله خمسة: الأول عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أُويس بن سعد بن أبي سرح العامِري القُرَشِيّ الأُويسي، أبو القاسم المَدَنيّ الفقيه، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: مدني صدوق، وهو أحب إلي من يحيى بن بكير, ووثَّقه يعقوب بن شيْبة. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>