للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا خلاف فيه، ويُفهم منه جواز الكشف للحاجة كالاغتسال، كما هو مذهب الجمهور، خلافًا لابن أبي ليلى، لحديث أبي داود مرفوعًا: "إذا اغتسل أحدُكم فَلْيَسْتَتِرْ" قال لرجل رآه يغتسل عريانًا وحده.

وفي "مراسيله" عن الزهري حديث: "لا تغتسلوا في الصحراء إلاَّ أن تجدوا مُتَوارىً"، فإن لم تجِدوا مُتَوارىً فَلْيَخُطَّ أحدُكم كالدائرة، فليسمِّ الله، وليغتسل فيه".

وحكاه الماوردي وجهًا للشافعية فيما إذا نزل في الماء عريانًا بغير مِئْزر، لحديث: "لا تدخُلوا الماء إلا بمئزرٍ، فإن للماء عامرًا". وضعِّف.

فإن لم تكن حاجة للكشف، فمذهب المالكية كراهة التنزيه في كشف العورة المغلَّظة وما قاربها، وعند الشافعية، قال القسطلاني: الأصح في هذه الحالة التحريم. وقال في "الفتح": رجَّح بعض الشافعية التحريم، والمشهور عند متقدميهم كغيرهم: الكراهة فقط.

وقالَ بَهْزٌ عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- اللهُ أحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ مِنَ النَّاسِ.

قوله: "وقال بَهْز" زاد الأصيلي: "ابن حكيم".

وقوله: "أن يُسْتَحْيى منه من الناس" كذا للأكثر من الرواة، وللسَّرْخَسي: "أحق أن يُستتر منه"، وهذا بالمعنى.

والحديث المعلق أخرجه أصحاب "السنن" وغيرهم، من طرق عن بَهْز، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم. ولفظه عند ابن أبي شيبة: "عن جد بَهْز قال: قلت: يا رسول الله: عوراتنا: ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قلت: يا رسول الله: أحدنا إذا كان خاليًا؟ قال: الله أحق أن يُسْتَحْيَى منه من الناس". فالإسناد إلى بَهْز صحيح، ولهذا جزم به البخاري، وأما بَهْز وأبوه فليسا من شرطه، ولهذا لما علق في النكاح شيئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>