للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء]

باب بالتنوين، خبر مبتدأ أي هذا باب، والصعيد مبتدأ، والطيب صفته، ووضوء المسلم خبر، والصعيد الطيب: الأرض الطاهرة، فإن الصعيد وجه الأرض، فعيل بمعنى مفعول، أي مصعود عليه. وقال قتادة: الصعيد الأرض التي لا نبات فيها ولا شجر. وقال أبو إسحاق: الطيب النظيف، وأكثر العلماء على أنه الطاهر. وقيل الحلال. وقيل: الطيب ما تستطيبه النفس، وعزا بعضهم للشافعيّ أنه قال: صعيدًا طيبًا: أي ترابًا منبتًا، والشافعي غير قائل باشتراط الإنبات في التراب التي يجوز التيمم بها. فقد قال النوويّ: الإنبات ليس بشرط على الأصح، ومعنى الترجمة أن التيمم يغنيه عن الماء عند عدمه حقيقة أو حُكمًا.

والترجمة لفظ حديث أخرجه البزار عن أبي هريرة مرفوعًا، وصححه ابن القَطّان، لكن قال الدارقطنيّ: إن الصواب إرساله، وروى أحمد وأصحاب السنن عن عمرو بن بُجْدان، بضم الموحدة وسكون الجيم، عن أبي ذر ونحوه، ولفظه "إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين" وصححه التِّرمذيّ وابن حِبّان والدارقطني، ومعنى "وإن لم يجد الماء عشر سنين" أنه يفعل التيمم مرة بعد أخرى، وإن بلغت مدة عدم الماء عشر سنين، وليس المعنى أن التيمم دفعة واحدة بكفيه عشر سنين.

ثم قال: وقال الحسن يُجزئه التيمم ما لم يحدث. قوله: يُجزئه، بضم المثناة التحتية، مهموزًا، أي يكفيه. وقوله: ما لم يحدث، أي مدة عدم حَدَثه، وفي مصنف حماد بن سَلَمة عنه قال: يصلي الصلوات كلها بتيمم واحد كالوضوء. وهذا مذهب الحنفية، قالوا نيابة عن الوضوء فله حكمه. وقال الأئمة الثلاثة: لا يصلي إلاّ فرضًا واحدًا، لأنه طهارة ضرورية بخلاف الوضوء، وقد صح فيما قاله البيهقيُّ عن ابن عمر إيجاب التيمم لكل فريضة. قال: ولا نعلم له مخالفًا من الصحابة إلاّ ما روى ابن المنذر عن ابن عباس أنه لا يجب، والنذر كالفرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>