للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنام بالمدينة. وينبغي أن يزاد فيه أن الإسراء في المنام تكرر في المدينة المنورة، كما في أحاديث الصحيح، كحديث سمرة الطويل الآتي في الجنائز، وحديث ابن عباس في رؤياه، وحديث ابن عمر في ذلك، وغير ذلك.

وبين قولهم كان الإسراء منامًا، وقولهم كان بروحه دون جسده فرقٌ، فإن الذي يراه النائم قد يكون حقيقة، بأن تصعد الروح مثلًا إلى السماء، وقد يكون من ضرب الأمثال أن يرى النائم ذلك، وروحه لم تصعد أصلًا، فيحتمل أن من قال: أُسري بروحه ولم يصعد جسده، أراد أن روحه عُرج بها حقيقة، فصعدت ثم رجعت، وجسده باقٍ في مكانه خرقاً للعادة، كما أنه في تلك الليلة شُقّ صدره والتأم، وهو حي يقظان لا يجد لذلك ألمًا

واختلف في وقت المعراج، فقيل: كان قبل المبعث، وهو شاذٌ، إلَّا ان حمل على أنه وقع حينئذ في المنام كما مرَّ، وذهب أكثر إلى أنه كان بعد المبعث، ثم اختلفوا؛ فقيل: قبل الهجرة بسنة، قاله ابن سعد، وبه جزم النوويُّ وبالغ ابن حزم فنقل الإجماع فيه، وهو مردود بما فيه من الخلاف الكثير، فحكى ابن الجوزيّ أنه كان قبلها بثمانية أشهر، وحكى ابن حزم مقتضاه، لأنه قال: كان في رجب سنة اثنتي عشرة من النبوءة، وقيل: قبلها بستة أشهر، حكاه أبو الربيع بن سالم. وقيل: بأحد عشر شهرًا، جزم به إبراهيم الحربيّ، حيث قال: كان في ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة، ورجحه ابن المنير. وقيل: قبلها بسنة وشهرين، حكاه ابن عبد البر. وقيل: قبلها بسنة وثلاثة أشهر، حكاه ابن فارس. وقيل: بسنة وخمسة أشهر قاله السدّيّ. وأخرجه من طريق الطبريّ والبيهقيّ فعلى هذا كان في شوال وفي رمضاد على إلغاء الكسرين منه ومن ربيع الأول، وبه جزم الواقديّ، وعلى ظاهره ينطبق ما حكاه ابن قتيبة وابن عبد البر أنه كان قبلها بثمانية عشر شهرًا. وكذا قال ابن سعد إنة في رمضان قبلها بثمانية عشر شهرًا وما مرَّ عن ابن حزم من أنه كان في رجب، حكاه ابن عبد البر، وجزم به النّوويّ في الروضة. وقيل: قبل الهجرة بثلاث سنين، حكاه ابن الأثير.

وحكى عياض، وتبعه القرطبيّ والنوويّ عن الزهريّ أنه كان قبلها بخمس

<<  <  ج: ص:  >  >>