للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابي في أُمَّتي كَالمِلْحِ في الطَّعامِ، لا يَصْلُحُ الطَّعامُ إلا بِالمِلْحِ".

قال الحسن: فقد ذَهبَ مِلْحُنا، فكيف نصلُحُ؟!

وروى الترمذي عن عبد الله بن بُرَيْدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِنْ أحَدٍ من أصحابي يموتُ بأرضٍ إلا بُعِثَ قائدًا ونورًا لهم يوم القيامة" انتهى. هذا بعضٌ قليلٌ مما قيل في فضل الصحابة جملة.

وأما السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، الداخل فيهم العشرة المبشرون بالجنة، فلا يحصي النَّزْرَ من مناقبهم إلا الدَّفاتِرُ الضخامُ، كما هو مسطورٌ فيها عن الجَهَابِذَةِ الأعلام.

الترتيبُ في فضلِ الصَّحابةِ.

واعلم أن أفضل الصحابة على الإطلاق عند أهل السنة إجماعًا أبو بكر، ثم عمر رضي الله تعالى عنهما، والمشهور عند أهل السنة تقديم عثمان عن علي رضي الله تعالى عنهما، وذهب بعض السلف إلى تقديم علي على عثمان، وممن قال به سُفيان الثَّورِيُّ، ويقال: إِنه رجع عنه، وقال ابن خُزَيْمَةَ وطائفة قبله وبعده، وقيل: لا يَفْضُلُ أحدهما على الآخر، قاله مالك في "المدونة"، وتبعه جماعة منهم يَحيى القطان، وقال ابن مَعِين: من قال: أبو بكر وعُمر وعثمان وعلي، وعرف لعلي سابقته وفضيلته فهو صاحب سنة، ولا شك أن من اقتصر على عثمان ولم يعرف لعلي فضيلته فهو مذموم قاله في "فتح الباري".

قلت: قوله إن سفيان الثوري قيل: إنه رجع عن تقديم علي على عثمان هذا هو المتعين إن كان الثوري هو القائل بذلك ليوافق ما مر مما أخرجه الخطيب بسند صحيح أنه قال:

"من قدَّم عليًّا على عثمان فقد أزرى باثني عشر ألفًا، مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض". والأظهر عندي أن يكون القائل بذلك سفيان بن عُيَيْنة، لما ذكر عنه ابن عَدِيّ أنه كان فيه شيء من التشيع، والثوري لم يقل أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>