للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جملة الاستفهام التقريري في حكم الخبرية.

ثم قال: ورأى عمر أنس بن مالك يصلي عند قبر، فقال: القبرَ القبرَ، ولم يأمره بالإعادة. وقوله: القبرَ القبرَ، بالنصب فيهما على التحذير، محذوف العامل وجوبًا، أي اتقِ، أو اجتنب القبرَ. وقوله: ولم يأمره بالإعادة، استنبطه مق تمادي أنس على الصلاة، ولو كان ذلك يقتضي فسادها لقطعها واستأنف. ومذهب مالك أن الصلاة في المقبرة جائزة، بدون كراهة، إن أمنت من النجس, عامرة كانت أو دراسة، تيقن نبشها أو شك فيه، جعل بينه وبينها حائل أم لا، كانت لمسلم أو لمشرك، ولو كان القبر بين يديه، ولا إعادة عليه على المشهور في الجميع. وقال ابن حبيب من المالكية: إن صلى في مقابر الكفار؛ فإن كانت عامرة أعاد أبدًا، أو دارسة فلا إعادة. وفي مقابر المسلمين لا إعادة مطلقًا.

وقال عبد الوهاب: تكره في الجديد من مقابر المسلمين، وفي القديمة إن كانت منبوشة، ما لم يجعل بينه وبينها حصيرًا، وتكره في مقابر المشركين، وإن شك في النجاسة أعاد في الوقت، وان تحققت أعاد العامد والجاهل أبدًا والناسي في الوقت، وعند الشافعية تكره الصلاة عليها لكونه صلى على نجاسة، ولو كان بينهما حائل، وقيل: لا كراهة لكونه صلى مع الفرش على النجاسة مطلقًا. كما قال القاضي حسين. وقال ابن الرقعة: إن الكراهة لحرمة الميت، أما لو وقف بين القبور بحيث لا يكون تحته ميت ولا نجاسة، فلا كراهة إلا في المنبوشة، فلا تصح الصلاة فيها.

قال في التوشيح: ويستثنى مقبرة الأنبياء، فلا كراهة فيها, لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، وأنهم أحياء في قبورهم يصلون، ولا يشكل بحديث "لعن الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" لأن اتخاذها مساجد أخص من مجرد الصلاة فيها، والنهي عن الأخص لا يستلزم النهي عن الأعم. قال في التحقيق: ويحرم أن يصلّى متوجهًا إلى قبره عليه الصلاة والسلام ويكره إلى غيره مستقبل آدميٌ, لأنه يشغل القلب غالبًا، ويقاس بما ذكر في قبره عليه الصلاة والسلام سائر قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولما احتاجت

<<  <  ج: ص:  >  >>