للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: وجعلوا عِضادتيهِ الحجارة، بكسر المهملة وتخفيف المعجمة تثنية عِضادة، وهي الخشبة التي على كتف الباب، ولكل باب عضادتان، وإعضاد وكل شيء يشد جوانبه، وقوله: وهم يرتجزون، أي يتعاطون الرجز تنشيطًا لأنفسهم، ليسهل عليهم العمل، وهو ضرب من الشعر على الصحيح، وقد استشكل هذا مع قوله تعالى {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩] وأجيب بأن من أنشد القليل من الشعر أو قاله، أو تمثل به على وجه الندور، لا يستحق اسم شاعر، ولا يقال فيه يعلم الشعر، ولا ينسب إليه، على أنّ الخليل ما عد المشطور من الرجز شعرًا، وقال ابن التين: لا يطلق على الرجز شعر، إنما هو كلام مرجز مسجع، واختلف هل يحكي بيتًا واحدًا؟ فقيل: لا يتم إلا متغيرًا، ولما ذكر قول طرفة:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك من لم تزود بالأخبار

فقال له أبو بكر: يا رسول الله، لم يقل هكذا، وإنما قال: ويأتيك بالأخبار من لم تزود، فقال: كلاهما سواء، فقال: أشهد أنك لست بشاعر، ولا تحسنه.

وقوله: اللهم، معناه يالله، وقال البصريون: اللهم دعاء لله بجميع أسمائه، إذ الميم تشعر بالجمع كما في عليهم، وقال الكوفيون: أصله الله أَمَّنا بخير، أي اقصدنا. وقوله: فاغفر للأنصار، كذا في رواية الأكثرين، وللمستملي والحموي: فاغفر الأنصار، بحذف اللام، ووجهه أن يضمن اغفر معنى استر. وفي رواية أبي داود عن مسدد شيخ البخاريّ وشيخه بلفظ "فانصر الأنصار" والأنصار جمع نصير، كشريف وأشراف، وقد مرَّ الكلام عليهم مستوفى عند حديث "إنما الأعمال بالنيات".

وقوله: والمهاجِرة، أي الجماعة المهاجرة، وهم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة النبوية محبة فيه، وطلبًا للآخرة، وقد استوفي الكلام على الهجرة عند الحديث المذكور. قال الكرمانيّ: اعلم أنه لو قرىء هذا البيت من الشعر ينبغي أن يوقف على الآخرة والمهاجرة، إلا أنه -صلى الله عليه وسلم- قرأهما بالتاء محركة، خروجًا عن وزن الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>