للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد منسوخٌ بالقرآن والسنة. أما القرآن فقوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} وأما السنة فحديث "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" وتعقب بأن الحديث ضعيف، وليس فيه، ولا في الآية، تصريح بما ادعاه، ولا عُرف التاريخ فيثبتَ النسخ.

وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد، وكانت عائشة فيه، وهذا لا يثبت عن مالك، وهو مخالف لما صرح به في طرق هذا الحديث، وفي بعضها أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: "دعهم يا عمر" كما يأتي في الجهاد، وزاد أبو عوانة في صحيحه "فإنهم بنو أَرْفِدة" كانه يعني أن هذا شأنهم وطريقتهم، وهو من الأمور المباحة، فلا إنكار عليهم.

وقال المحب الطبريّ: فيه تنبيه على أنه يغتفر لهم ما لا يغتفر لغيرهم، لأن الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب، فيقتصر على ما ورد فيه النص. وروى السّراج عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام قال حينئذ "لتعلم يهود أن في ديننا فُسْحة، إني بُعثتُ بحنيفية سمحة". وهذا يشعر بعدم التخصيص، وكأنَّ عمر بني على الأصل في تنزيه المساجد، فبين له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وجه الجواز فيما كان هذا سبيله، أو لعله لم يكن علم أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يراهم. وقال المُهَلَّبُ: المسجد موضوع لأمن جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه.

وقوله: يسترني بردائه أنظُر لعبَهم، وفي رواية العيدين "فإما سألتُ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وإما قال: أتشتهينَ تنظرين؟ قلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده وهو يقول: دونكم بني أرفدة، حتى إذا مَلِلْتُ قال: حسبك؟ قلت: نعم، قال: فاذهبي" وفي هذه الرواية تردد منها فيما كان وقع له، هل كان أذِن لها في ذلك ابتداءً منه أو عن السؤال منها، وهذ ابن اء على أنَّ سَألْتُ بسكون اللام من كلامها، ويحتمل أن يكون بفتح اللام من كلام الراوي، ولا ينافي قوله "وإما قال تشتهين تنظرين" وقد اختنفت الروايات عنها في ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>