للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبح في السفر إلى ركعة، واستدل بعض الشافعية للجواز بعموم قوله صلى الله تعالى عليه وسلم "الصلاة خير موضوع: فمن شاء استكثر، ومن شاء استقل" صححه ابن حِبّان، وقال الأثرم عن أحمد: الذي اختاره في صلاة الليل مثنى، فإن صلى في النهار أربعًا فلا بأس. وقال محمد بن نصر نحوه في صلاة الليل. قال: وقد صح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه أوتر بخمس، لم يجلس إلا في آخرها، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الوصل، إلا أننا نختار أن يسلم من كل ركعتين، لكونه أجاب به السائل، ولكون أحاديث الفصل أثبت وأكثر طرقًا، واستدل أبو حنيفة في صلاة الليل بما رواه أبو داو في سننه عن عائشة، أنها سُئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل، فقالت: "كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله، فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه ... " الحديث، وفيه "حتى قُبِض على ذلك".

قلت: لا دلالة له في هذا على ما ذهب إليه؛ لأن لفظ "أربع ركعات" شامل للوصل والفصل، واحتج في صلاة النهار بما رواه مسلم عن معاذ "أنها سألت عائشة: كم كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي الضحى. قالت: أربع ركعات، يزيد ما شاء". قلت: هذا أيضًا مثل المتقدم، لا دلالة فيه، بل هذا أولى بعدم الدلالة؛ لأنه جواب عن سؤال عن العدد. قال العيني: رواه أبو يعلى في مسنده" وفيه "لا يفصل بينهن بسلام"واحتجوا أيضًا بمفهوم قوله في حديث الباب "صلاة الليل مثنى" على أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعًا، وتعقب بأنه مفهوم لقب، وليس بحجة على الراجح، وعلى تقدير الأخذ به، فليس بمنحصر في أربع، وبأنه خرج جوابًا للسؤال عن صلاة الليل، فقيد الجواب بذلك مطابقة للسؤال، وبأنه قد تبين من رواية أخرى أن حكم المسكوت عنه حكم المنطوق به.

وأما حديث السنن، وصححه ابن خزيمة وغيره، عن عليّ الأزديّ عن ابن عمر مرفوعًا "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" فقد تعقب بان أكثر أئمة الحديث أعَلّوا هذه الزيادة، وهي قوله "والنهار"، بان الحُفّاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه، وحكم النَّسائيّ بأنها خطأ. وقال يحيى بن مَعين: ومَنْ علي

<<  <  ج: ص:  >  >>