للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن ننتظر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الظهر أو العصر، وقد دعاه بلال إلى الصلاة، إذ خرج علينا، وأمامة على عاتقه، فقام في مُصَلاّه، فقمنا خلفه فكبر وهي في مكانها" وعند الزبير بن بكار وتبعه السهيليّ "الصبح" ووهم من عزاه للصحيحين. وقال القرطبي: روى أشهب وعبد الله بن نافع أن ذلك للضرورة، حيث لم يجد من يكفيه أمرها. وقال بعض أصحابه: لأنه لو تركها لبكت، وشغلت سره في صلاته، أكثر من شغله بحملها. وفرق بعض أصحابه بين الفريضة والنافلة.

وقال الباجي: إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما. قال القرطبيّ: روى عبد الله بن يوسف التَّنيسيّ عن مالك أن الحديث منسوخ، وروى ذلك الإسماعيلي، عن التنيسى، لكنه غير صريح، ولفظه: قال التنيسيّ: قال مالك: من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ناسخ ومنسوخ، وليس العمل على هذا، وقال ابن عبد البر: لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وبأنّ هذه القصة كانت بعد قوله عليه الصلاة والسلام "إنّ في الصلاة لشغلًا"، لأن ذلك كان قبل الهجرة، وهذه القصة كانت بعد الهجرة بمدة مديدة، وذكر عياض عن بعضهم أن ذلك كان من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم، لكونه معصومًا أن تبول وهو حاملها، ورد بأن الأصل عدم الاختصاص، وبأنه لا يلزم من ثبوت الاختصاص في أمر ثبوته في غيره بغير دليل، ولا مدخل للقياس في مثل ذلك، وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال، لوجود الطمأنينة في أركان صلاته.

وقال النوويّ: ادْعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ، وبعضهم أنه من الخصائص، وبعضهم أنه كان لضرورة، وكل ذلك دعاوى مردودة لا دليل عليها، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمي طاهر، وما في جوفه معفو عنه، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة، حتى تتبين النجاسة. والأعماق في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، ودلائل الشرع

<<  <  ج: ص:  >  >>