للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن لفظ "بين" يقتضي الدخول على متعدد. قال: وتحتمل أن يكون التقدير: "ويقرأ ما بين الستين وفوقها إلى المئة" فحذف لفظ: فوق، لدلالة الكلام عليه. وفي السياق تأدب الصغير مع الكبير، ومسارعة المسؤول بالجواب إذا كان عارفًا به.

وقوله: "والعصر"، أي: ويصلي العصر. وقوله: "وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة رجع والشمس حية"، ورجع يحتمل أن يكون بمعنى يرجع، وأن يكون بيانًا لقوله: "يذهب"، وأن يكون في موضع الحال، أي: يذهب راجعًا، ويحتمل أن أداة الشرط سقطت. إما "لو" أو"إذا"، والتقدير: لو يذهب أحدنا، إلخ. وجَوّز الكرمانيّ أن يكون "رجع" خبرًا للمبتدأ الذي هو "أحدنا"، و"يذهب" جملة حالية، وهو وإن كان محتملًا من جهة اللفظ، لكنه مخالف لرواية عوف الآتية. وقال أيضًا: يحتمل أن قوله: "رجع" عطف على قوله: "يذهب"، والواو مقدرة، و"رجع" بمعنى يرجع، وهذا الاحتمال جزم به ابن بطال، ويؤيده رواية أبي داود عن حفص بن عمر بلفظ: "وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة، ويرجع والشمس حية". وقوله: "رجع" بلفظ الماضي، هو الذي في رواية أبي ذرٍّ والأصيلي، وفي رواية غيرهما: "ويرجع" بزيادة واو، وبصيغة المضارعة. وظاهره حصول الذهاب إلى أقصى المدينة، والرجوع من ثمّ إلى المسجد، لكن في رواية عوف الآتية، في باب "وقت العصر قريبًا": "ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية"، فليس فيه إلا الذهاب فقط.

وطريق الجمع بينهما وبين رواية الباب أن يقال: يحتمل أن الواو في قوله: "وأحدنا" بمعنى "ثم" على قول من قال إنها تَرِد للترتيب، مثل ثمّ، وفيه تقديم وتأخير، والتقدير: ثم يذهب أحدنا، أي: ممن صلى معه، فرواية عوف أوضحت أن المراد بالرجوع الذهاب إلى المنزل من المسجد، وإنما سمي رجوعًا لأن ابتداء المجيء كان من المنزل إلى المسجد، فكان الذهاب منه إلى المنزل رجوعًا. وطرق الحديث يبين بعضها بعضًا، وقد رواه أحمد عن شعبة بلفظ: "والعصر يرجع الرجل إلى أقصى المدينة، والشمس حية"، ولمسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>