للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الحادي والأربعون]

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ سَالِمٌ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلاَةَ الْعِشَاءِ، وَهْيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ".

قوله: "صلى لنا"، أي لأجلنا، أو اللام بمعنى الباء، ومعنى اللام صلى إمامًا لنا، وإلا فالصلاة لله. وقوله: "وهي التي يدعو الناس العَتَمة"، تقدم نظير ذلك في حديث أبي برزة في قوله: "وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة"، وفي كل هذا إشعار بغلبة استعمالهم لها بهذا الاسم، فصار من عرف النهي عن ذلك يحتاج إلى ذكره لقصد التعريف. قال النووي وغيره: بين النهي عن تسميتها عتمة، وبيّن ما جاء من تسميتها عتمة بأمرين: أحدهما: أنه استعمل ذلك لبيان الجواز، وأن النهي للتنزيه لا للتحريم. والثاني: بأنه خاطب بالعتمة من لا يعرف العشاء، لكونه أشهر عندهم من العشاء، فهو لقصد التعريف لا لقصد التسمية، ويحتمل أنه استعمل لفظ العتمة في العشاء، لأنه كان مشتهرًا عندهم استعمال لفظ العشاء للمغرب، فلو قال: لو يعلمون ما في الصبح والعشاء، لتوهموا أنها المغرب، وهذا ضعيف، لأنه قد ثبت في نفس الحديث: "لو يعلمون ما في الصبح والعشاء" فالظاهر أن التعبير بالعشاء تارة، والعتمة تارة، من الرواة.

وقيل: إن النهي عن تسمية العشاء عتمة نسخ بالجواز، وتُعقب بأن نزول الآية كان قبل الحديث المذكور، وفي كل من القولين نظر، للاحتياج في مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>