للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الستون]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَحَرَّوْا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا".

قوله: "لا تحَرُّوا"، أصله: لا تتَحرّوا، فحذفت إحدى التاءين، والمعنى: لا تقصدوا، واختلف أهل العلم في المراد بذلك، فمنهم من جعله تفسيرًا للحديث السابق، ومبينًا للمراد به. فقال: لا تكره الصلاة بعد الصبح ولا بعد العصر، إلا لمن قصد بصلاته طلوع الشمس وغروبها، وإلى ذلك جنح أهل الظاهر، وقواه ابن المنذر، واحتج له بما رواه مسلم عن عائشة، قالت: وهم ابن عمر "إنما نهى رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يتحرّى طلوع الشمس وغروبها". وسيأتي من قول ابن عمر بعد بابين ما يدل على ذلك.

وربما قوى بعضهم ذلك بحديث: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها أخرى"، فأمر بالصلاة حينئذ، فدلَّ على أن الكراهة مختصة بمن قصد الصلاة في ذلك الوقت، لا من وقع له ذلك اتفاتًا، ومنهم من جعله نهيًا مستقلاً، وكره الصلاة في تلك الأوقات سواء قصد أم لم يقصد، وهو قول الأكثر، قال البيهقي: إنما قالت عائشة ذلك لأنها رأت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي بعد العصر، فحملت نهيه على من قصد ذلك، لا على الإطلاق، وقد أجيب عن هذا بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم إنما صلَّى حينئذ قضاءً، كما يأتي، وأما النهي فهو ثابت عن جماعة من الصحابة، غير ابن عمر، فلا اختصاص له بالوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>