للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الرابع والستون]

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ".

قوله: "عن صالح"، هو ابن كيسان، ولم يخرج البخاريّ لصالح بن أبي الأخضر شيئًا. وقوله: "لا صلاة"، قال ابن دقيق العيد: صيغة النفي في ألفاظ الشارع، إذا دخلت على فعل، كان الأولى حملها على نفي الفعل الشرعيّ لا الحسيّ، لأنَّا لو حملناه على نفي الفعل الحسي لاحتجنا في تصحيحه إلى إضمار، والأصل عدمه. وإذا حملناه على الشرعي لا نحتاج إلى إضمار، فهذا وجه الأولوية، وعلى هذا فهو نفي بمعنى النهي، والتقدير: لا تُصلُّوا.

وحكى أبو الفتح اليعمريّ عن بعض السلف أنهم قالوا: إن النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر إنما هو إعلام بأنهما لا يتطوع بعدهما، ولم يقصد الوقت بالنهي، كما قصد به وقت الطلوع ووقت الغروب، ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود والنَّسائيّ بإسناد حسن عن علي، عن النبىّ صلى الله تعالى عليه وسلم، قال: "لا تصلُّوا بعد الصبح، ولا بعد العصر، إلا أن تكون الشمس نقية"، وفي رواية: "مرتفعة"، فدلَّ على أن المراد بالبعدية ليس على عمومه، وإنما المراد وقت الطلوع ووقت الغروب وما قاربهما.

قلت: قد مرّ عند حديث ابن عباس عن عمران مذهبُ مالك: اختصاص التحريم بوقت الطلوع ووقت الغروب، وكره ما سواهما. وكأنَّ هذا هو المراد عند هذا البعض من السلف. وممن قال بقول مالك: محمد بن سيرين ومحمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>