للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه: أَعْلِمْ. وقوله: "فتوضأ"، زاد أبو نعيم في "المستخرج": فتوضأ الناس، فلما ارتفعت ... ، وعند المصنف في "التوحيد": "فقضوا حوائجهم، فتوضأوا إلى أن طلعت الشمس"، وهو أبين سياقًا ونحوه لأبي داود.

ويستفاد منه أن تأخير الصلاة إلى أن طلعت الشمس وارتفعت، كان بسبب الشغل بقضاء حوائجهم، لا لخروج وقت الكراهة، وقيل غير ذلك، لما مرّ في باب الصعيد الطيب. وقوله: "وابياضّت" وزنه افْعَالّ، بتشديد اللام، مثل: احْمارّ وابْهارّ، أي: صفت. وقيل: إنما يقال ذلك في كل لون بين لونين فأما الخالص من البياض مثلًا، فإنما يقال له أبيض.

وقوله: "فصلى"، زاد أبو داود "بالناس". وفيه من الفوائد غير ما تقدم، جواز التماس الأتباع ما يتعلق بمصالحهم الدنيوية، والاحتراز عما يحتمل فوات العبادة عن وقتها بسببه، وجواز التزام الخادم القيام بمراقبة ذلك، والاكتفاء في الأمور المهمة بالواحد، وقبول العذر ممن اعتذر بأمر سائغ، وتسويغ المطالبة بالوفاء بالالتزام. وتوجهت المطالبة على بلال بذلك، تنبيهًا له على اجتناب الدعوى، والثقة بالنفس وحسن الظن بها، لاسيما في مظانّ الغلبة، وسلب الاختيار، وإنما بادر بلال إلى قوله: "أنا أوقظكم"، اتباعًا لعادته في الاستيقاظ في مثل ذلك الوقت، لأجل الأذان.

وفيه خروج الإِمام بنفسه في الغزوات والسرايا، وفيه الرد على منكري القدر، وأنه لا واقع في الكون إلا بقدر. واستدل به بعض المالكية على عدم قضاء السنة الراتبة؛ لأنه لم يذكر فيه أنهم صلوا ركعتي الفجر، ولا دلالة فيه، لأنه لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع، لاسيما وقد ثبت أنه ركعهما في حديث أبي قتادة هذا عند مسلم، ويأتي في باب مفرد لذلك في أبواب التطوع.

قلت: مذهب مالك أن سنة الفجر خصوصًا من دون الرواتب كلها تقضى إلى الزوال، وبهذا قال محمد بن الحسن. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يقضيهما إذا فاتت وحدها وإذا فاتت مع الفرض قضاهما. واستدل به المهلب على أن الصلاة الوسطى هي الصبح. قال: لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>