للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية الآتي، يدلان على أنه يستثنى من ذلك: "حيّ على الصلاة"، و"حيّ على الفلاح"، فيقول بدلهما: لا حول ولا قوة إلا بالله، كذلك استدل به ابن خزيمة، وهو المشهور عند الجمهور.

قلت: مشهور مذهب مالك أن الحكاية تنتهي عند منتهى الشهادتين، والراجح عنده مذهب الجمهور. وقال ابن المنذر: يحتمل أن يكون ذلك من الاختلاف المباح، فيقول تارة كذا، وتارة كذا. وحكى بعض المتأخرين عن أهل الأصول أن الخاص والعام إذا أمكن الجمع بينهما، وجب إعمالهما. قال: فلم لا يقال: يستحب للسامع أن يجمع بين الحَيْعلة والحَوْقَلَة، وهو وجه عند الحنابلة، وأجيب عن المشهور من حيث المعنى بأن الأذكار الزائدة على الحيعلة يشرك السامع والمؤذن في ثوابها، وأما الحَيْعَلَة فمقصودها الدعاء إلى الصلاة، وذلك يحصل من المؤذن، فعوض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة بثواب الحوقلة.

ولقائل أن يقول: يحصل للمجيب الثواب لامتثاله الأمر، ويمكن أن يزاد إيقاظًا وإسراعًا إلى القيام إلى الصلاة إذا تكرر على سمعه الدعاء إليها من المؤذن، ومن نفسه. وقال الطَّيبيّ: معنى الحيعلتين هلمّ بوجهك وسريرتك إلى الهدى عاجلًا والفوز بالنعيم آجلًا، فناسب أن يقول: هذا أمر عظيم لا أستطيع مع ضعفي القيام به، إلا إذا وفقني الله تعالى بحوله وقوته، ومما لوحظت فيه المناسبة ما نقل عبد الرزّاق عن ابن جُريج، قال: حدَّثت أن الناس كانوا ينصِتون للمؤذن إنصاتهم للقراءة، فإذا قال شيئًا قالوا مثله، حتى إذا قال: حي على الصلاة، قالوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: حي على الفلاح، قالوا: ما شاء الله. وبهذا قالت الحنفية في المشهور عندهم، إلا أنهم يزيدون فيقولون: ماشاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

وروي عن سعيد بن جُبير، قال: في جواب الحَيْعَلة: "سمعنا وأطعنا"، وقيل: لا يجيبه إلا في التشهدين فقط، وقيل: هما والتكبير، وقيل: يضيف إلى ذلك الحوقلة دون ما في آخره، وقيل: مهما أتى به مما يدل على التوحيد

<<  <  ج: ص:  >  >>