للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخره "لشهد العشاء" وفي رواية مسلمًا "يعني العشاء" وفي رواية لهما الإيماء إلى أنها العشاء، وعينها السّراج في رواية أنها العشاء، حيث قال في صدر الحديث "أخّر العشاء ليلة، فخرج فوجد الناس قليلًا، فغضب" فذكر الحديث. ولابن حبَّان يعني الصلاتين العشاء والغداة. وعند أحمد التصريح بتعيين العشاء، وسائر الروايات عن أبي هُرَيرةَ على الإبهام. وأخرجه عبد الرَّزَّاق والبَيْهَقِيّ عن معمر فقال: الجمعة، ولكن قال البَيْهَقِيّ بشذوذ هذه الرواية، ويدل على ذلك ما رواه أبو داود والطَّبَرانيّ عن أبي هُرَيرة من هذا الوجه أن أبا هُرَيرة لم يذكر جمعة ولا غيرها. وفي حديث ابن مسعود وعند مسلم الجزم بأنها الجمعة، وهو حديث مستقل مخرجه مغاير لحديث أبي هُرَيرة، فلا يقدح أحدهما في الآخر، فيحمل على أنهما واقعتان.

كما أشار إليه النوويّ والمُحبّ الطَّبَرِيّ، وقد وافق ابن أم مكتوم أبا هُرَيْرة على تعيين العشاء، وذلك فيما أخرجه ابن خُزَيْمَةَ وأحمد والحاكم عنه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استقبل الناس في صلاة العشاء فقال: لقد هممت أني آتي هؤلاء الذين يتخلفون عن الصلاة فأُحَرِّق عليهم بيوتهم، فقام أم ابن مكتوم فقال: يا رسول الله، قد علمت ما بي وليس قائد" زاد أحمد "وأن بيني وبين المسجد شجرًا ونخيلًا، ولا أقدر على قائد كل ساعة، قال: أتسمع الإقامة؟ قال: أسمعها قال: فاحضرها" ولم يرخص له. ولابن حبان من حديث جابر قال: أتسمع الأذان؟ قال: نعم، قال: فأتها ولو حبوًا. وقد حمله العلماء على أنه كان لا يَشق عليه التصرف بالمشي وحده ككثير من العُميان، وعلل اختصاص العشاء والفجر بهذا بأن غيرها مظنة الشغل بالتكسب وغيره، أما العصران فظاهر، وأما المغرب فإنها في الغالب وقت الرجوع إلى البيت والأكل، ولاسيما للصائم مع ضيق وقتها بخلاف العشاء والفجر، فليس للمتخلف عنها عذر غير الكسل المذموم. وفي المحافظة عليهما أيضًا انتظام الألفة بين المتجاورين في طرفي النهار، وليختموا النهار بالاجتماع على الطاعة، ويختموه كذلك.

وفي رواية عن أبي هريرة عند أحمد تخصيص التهديد بمن حول المسجد،

<<  <  ج: ص:  >  >>