للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عُيينة عند مسلم "اقرأ بكذا واقرأ بكذا" قال ابن عُيينة: قلت لعمر: وإن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال: اقرأ بالشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، وبسبح اسم ربك الأعلى. فقال عمر: ونحو هذا. وجزم بذلك مُحارب في روايته عن جابر، وفي رواية أبي الزُّبَير عند مسلم مع الثلاثة اقرأ باسم ربك، زاد ابن جُرَيْج عن أبي الزُّبَير "والضحى" أخرجه عبد الرَّزَّاق، وفي رواية الحُمَيديّ عن ابن عُيَيْنَةَ مع الثلاثة الأول والسماء ذات البروج والطارق.

واستدل بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، على أن معاذًا كان ينوي بالأُولى الفرض وبالثانية النفل، وهو مذهب الشافعية، وبه قال أحمد في رواية, واختاره ابن المُنذر، وهو قول عَطاء وطاوس وسُلَيمان بن حَرْب وداود. وقالت الحَنَفية والمالكية لا يصح، وهو رواية أبي الحارث عن أحمد. قال ابن قُدامة: اختار هذه الرواية أكثر أصحابنا، وهو قول الزُّهْريّ والحَسَنْ البَصريّ وسعيد بن المُسَيِّب وغيرهم. قال في "الفتح" محتجًا لمذهبه: يدل عليه ما رواه عبد الرَّزَّاق والشافعيّ والطّحاويّ والدارَقُطنيّ وغيرهم، عن ابن جُرَيْج عن عَمرْو بن دِينار عن جابر في حديث الباب، زاد "هي له تَطَوُّع ولهم فريضة" وهو حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح، وقد صرح ابن جُرَيج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه، واعتماد القائلين بصحة الاقتداء على تلك الزيادة المذكورة.

وتكلم القائلون بعدم صحة الاقتداء فيها بأوجه عديدة، منها ما رُوي عن الإمام أحمد أنه ضعّف هذه الزيادة، وقال: أخشى أن لا تكون محفوظة, لأن ابن عُيَيْنَة يزيد فيها كلامًا لا يقوله أحد، وقال ابن الجَوْزِيّ هذه الزيادة لا تصح، ولو صحت لكانت ظناً من جابر، وبنحوه قال ابن العَرَبيّ في العارضة، ومنها قول الطَّحَاوِيّ: إن ابن عُيينة ساقه عن عمرو بأتم من سياق ابن جُرَيْج، ولم يذكر هذه الزيادة، ومنها ما قاله ابن حَزْم من أن المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوعًا، فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم؟ ومنها قول الطَّحَاويّ: لا حجة فيها، لأنها لم تكن بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا تقريره، ومنها ما قاله الطَّحَاويّ من احتمال أن تكون مدرجة، وهي جائز أن تكون من ابن جُرَيْج، وأن تكون من عمرو، وأن تكون من جابر، ومن أي هؤلاء كانت لم يكن فيها دليل على حقيقة ما كان يفعل مُعاذ، ولوثبت أنه عن مُعاذ لم يكن فيه دليل على أنه بأمره عليه الصلاة والسلام.

ومنها ما قاله الطَّحاويّ: لو سلمنا جميع ذلك، لم يكن فيه حجة، لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة تصلى فيه مرتين، أي: فيكون منسوخًا، واستدل على ذلك بما أخرجه عن ابن عمر، رفعه "لا تصلوا الصلاة في اليوم مرتين" ومن وجه آخر مرسل "أن أهل العالية كانوا يصلون في بيوتهم, ثم يصلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبلغه ذلك فنهاهم". ومنها ما قاله بعضهم من كونه منسوخًا، مستدلًا بأن صلاة الخوف وقعت مرارًا على صفة فيها مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية في حال الأمن فلو جازت صلاة المفترض خلف المتنفل، لصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهم مرتين على وجه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>