للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل ابن عبد البر عن ابن عمر أنه قال: رفع اليدين من زينة الصلاة. وعن عقبة بن عامر قال: بكل رفع عشر حسنات، بكل إصبع حسنة، وقوله: كان يرفع يديه حذو منكبيه.

قال النوويُّ: أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام. وقال ابنُ المنذر: لم يختلفوا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة. ونقل العبدريُّ عن الزيدية أنَّه لا يرفع. وخِلافهم لا يُعتد به وقال أبو جَوبة الأوزاعي والحميدي شيخ البخاري وابن خزيمة وداود وأحمد بن سيار بوجوبه. قال ابن عبد البر: كل من نقل عنه الإيجاب لا يُبطل الصلاة بتركه إلا في رواية عن الأوزاعي والحميدي. ونقل بعض الحنفية عن أبي حنيفة أنه يأثم بتركه. ونقل القفال عن أحمد بن سيار أنه أوجبه وأنه إذا لم يرفع لم تصح صلاته، وهو موافق لما مرَّ قريبًا عن الأوزاعي والحميدي.

وحكى القاضي حسين أيضًا لوجوب عن الإِمام أحمد. ونقله القرطبي في أوائل تفسيره عن بعض المالكية، واحتج ابن حزم بمواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك وقد قال: "صلّوا كما رأيتموني أصلّي". وقوله: حذْو منكبيه أي: بفتح المهملة وإسكان الذال المعجمة أي مقابلها. والمَنكِب مجمع عظم العضد والكتف، وبهذا أخذ الجمهور وهو أحد قولين مشهورين عند المالكية كما يأتي في تحرير مذهبهم. وذهبت الحنفية إلى أنه يرفع يديه حذاء أذنيه حتى يحاذي بإبهاميه شحمتيهما، وبرؤوس أصابعه فروع أذنيه، مستدلين بما رواه مسلم عن مالك بن الحويرث، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وفي لفظ: حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. وعند الطحاوي عن البراء: حتى يكون إبهاماه قريبًا من شحمتي أذنيه.

وروى أبو ثور عن الشافعي أنه جمع بين حديث الباب وحديث مالك بن الحويرث فقال: يحاذي بظهر كفيه المنكبين وبأطراف أصابعه الأذنين. ويؤيده رواية عن وائل عند أبي داود بلفظ: حتى كانتا حيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه. وبهذا قال المتأخرون من المالكية كما حكاه ابن عباس في الجواهر. لكن روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه في الافتتاح وفي غيره دون ذلك. أخرجه أبو داود. ويعارضه قول ابن جريح قلنا لنافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن؟ قال: لا. ذكره أبو داود أيضًا، وقال: لم يذكر رفعهما دون ذلك غير مالك. وكيفية اليدين حالة الرفع مختلفة عند العلماء.

قال الطحاوي من الحنفية: يرفع ناشرًا أصابعه مستقبلًا بباطن كفّيه، لما في الأوسط للطبراني عن ابن عمر مرفوعًا: إذا استفتح أحدكم الصلاة فليرفع يديه وليستقبل بباطنهما القِبلة، فإن الله عز وجل أمامه.

وفي المحيط: ولا يفرج بين الأصابع تفريجًا، لما في الترمذي عن أبي هريرة قال: ثلاث كان يعمل بهن فتركهن الناس: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا قام أحدكم إلى الصلاة هكذا، وأشار أبو عامر العقدي بيده ولم يفرج بين أصابعه ولم يضمها، وضعّفه. وفي الحاوي للماوردي يجعل باطن كل كف إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>