للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرباعي، واستضعفه.

وقوله: أصلّي صلاة العشاء بالمد للجميع غير الجرجاني فقال العشي: وفي الباب الذي بعده صلاتي العَشِيّ بالكسر والتشديد لهم إلاَّ الكشميهني فله صلاتي العشاء.

ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن أبي عوانة بلفظ: صلاتي العشي وهو الأرجح، والمراد بهما الظهر والعصر. ولا يبعد أن يراد بالتثنية في الممدود المغرب والعشاء، لكن يعكّر عليه قوله الأخريين؛ لأن المغرب إنما له أخرى واحدة، وأبدى الكرماني لتخصيص العشاء بالذكر حكمة، وهو أنه لما أتقن فعل هذه الصلاة التي وقتها وقت الاستراحة كان ذلك في غيرها بطريق الأولى وهو حسن. ويقال مثله في الظهر والعصر لأنهما وقت الاشتغال بالقائلة والمعاش والأولى أن يقال لعلّ شكواهم كانت في هاتين الصلاتين خاصة. فلذلك خصّهما بالذكر.

وقوله: فأركُد في الأوليين بضم الكاف أي: أثبت وأمكث طويلًا، ومنه الماء الراكد، والأوليين بتحتانيتين تثنية الأولى وكذا الأخريين، والمراد أطول فيهما القراءة، ويحتمل أن يكون التطويل بما هو أعم من القراءة كالركوع والسجود، لكن المعهود في التفرقة بين الركعات إنّما هو في القراءة.

وقوله: وأخفّ بضم أوله وكسر الخاء المعجمة. وفي رواية الكشميهني واحذف بفتح أوله وسكون المهملة وكذا هو في رواية عثمان بن سعيد الدارمي فيما أخرجه البيهقي. وعند الإسماعيلي عن شعبة بالميم بدل الفاء من خدم يخدم خدمًا: إذا أسرع. ومنه حديث عمر إذا أقمت فاخدم أي: أسرع. والمراد بالحذف حذف التطويل لا حذف القراءة من أصلها، فكأنه قال: احذف الركود، ويأتي من قال بحذفها رأسًا في الأخريين.

وقوله: ذلك الظن بك أي: هذا الذي كنّا نظنّه بك زاد مسعر عن عبد الملك وابن عون فيما أخرجه مسلم فقال: أتعلّمني الأعراب الصلاة وفيه دلالة على أن الذين شكوه لم يكونوا من أهل العلم، وكأنّهم ظنّوا مشروعية التسوية بين الركعات فأنكروا على سعد التفرقة. فيستفاد منه ذمّ القول بالرأي الذي لا يستند إلى أصل وفيه أن القياس في مقابلة النص فاسد الاعتبار. قال ابن بطال: وجه دخول حديث سعد في هذا الباب أنه قال: أركد وأخف أعلم أنه لا يترك القراءة في شيء من صلاته. وقد قال أنها مثل صلاته صلى الله تعالى عليه وسلّم، ولكن إنّما تتمّ الدلالة على الوجوب إذا ضمّ إلى ما ذكر قوله عليه الصلاة والسلام صلّوا كما رأيتموني أصلّي فيحصل التطابق بهذا لقوله: القراءة للإمام، وما ذكر من الجهر والمخافتة، فلا نزاع أنه عليه الصلاة والسلام كان يجهر في محل الجهر، ويخفي في محل الإخفاء، ويؤخذ الحضر والسفر من إطلاق قوله صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يفصل بين الحضر والسفر، وأيضًا حديث عبادة يؤخذ منه وجوب القراءة على الإمام والمأموم في الحضر والسفر أو لعلّ البخاري أكتفى بقوله -صلى الله عليه وسلم- للمسيء صلاته وهو ثالث أحاديث الباب، وافعل ذلك في صلاتك كلّها، وبهذا التقرير يندفع اعتراض الإسماعيلي وغيره حيث قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>