للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصود على ما وقعت به الإساءة قال: فكل موضع اختلف العلماء في وجوبه وكان مذكورًا في هذا الحديث فلنا التمسك به في وجوبه وبالعكس.

قال في الفتح: لكن هذا يحتاج إلى جمع طرق هذا الحديث وإحصاء الأمور المذكورة فيه والأخذ بالترائد فالزائد ثم إن عارض الوجوب أو عدمه دليل أقوى منه عمل به وإن جاءت صيغة الأمر في حديث آخر بشيء لم يذكر في هذا الحديث قدمت قال وقد جمعت طرقه القوية عن أبي هريرة ورفاعة، وقد أمليت الزيادات التي اشتملت عليها قلت: قد اقتفيت أثره في ذلك فذكرت كل ما ذكره فمما لم يذكر فيه صريحًا من الواجبات المتفق عليها النية والقعود الأخير، ومن المختلف فيه التشهد الأخير والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه والسلام في آخر الصلاة.

قال النووي: وهو محمول على أن ذلك كان معلومًا عند الرجل. قلت: هذا مخالف لما مرّ قريبًا من أنه عليه الصلاة والسلام علمه ما تعلقت به الإساءة وما لم تتعلق به، وفيه دليل على أن الإقامة والتعوذ ودعاء الافتتاح ورفع اليدين في الإحرام وغيره ووضع اليمنى على اليسرى وتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود وهيئات الجلوس ووضع اليد على الفخذ ونحو ذلك مما لم يذكر في الحديث ليس بواجب وهو في معرض المنع لثبوت بعض ذكر في بعض الطرق كما مرّ بيانه فيحتاج من لم يقل بوجويه إلى دليل على عدم وجوبه كما مرّ تقريره واستدل به على تعين لفظ التكبير.

قال ابن دقيق العيد: ويتأيد ذلك بأن العبادات محل التعبدات ولأن رتب هذه الأذكار مختلفة فقد لا يتأدى برتبة منها ما يقصد برتبة أخرى ونظيره الركوع، فإن المقصود به التعظيم بالخضوع فلو أبدل بالسجود لم يجزىء مع أنه في غاية الخضوع، وقد مرّت هذه المسألة في أول صفة الصلاة واستدل به الحنفية ومن وافقهم على أن قراءة الفاتحة لا تتعين في الصلاة، ووجهه أنه إذا تيسر فيه غير الفاتحة فقرأه يكون ممتثلاً فيخرج من العهدة، وأجاب الذين عينوها عن هذا الحديث بأجوبة منها: أن الدليل على تعينها تقييد المطلق في هذا الحديث وهو متعقب لأنه ليس بمطلق من كل وجه بل هو مقيد بقيد التيسير الذي يقتضي التخيير، وإنما يكون مطلقًا لو قال اقرأ قرآناً ثم قال: اقرأ فاتحة الكتاب، وقال بعضهم: هو بيان للمجمل أي: حديث الفاتحة بيان لما أجمل في حديث اقرأ ما تيسر، وتعقب هذا بأن المجمل هو ما لم تتضح دلالته.

وقوله: ما تيسر متضح لأنه ظاهر في التخيير وإنما يقرب ذلك أن جعلت ما موصولة، وأريد بها شيء معين وهو الفاتحة لكثرة حفظ المسلمين لها فهي المتيسرة وتعقب هذا بأن سورة الإخلاص ميسرة وهي أقصر من الفاتحة، فلم ينحصر التيسير في الفاتحة، وقيل محمول على أنه عرف من حال الرجل أنه لا يحفظ الفاتحة. ومن كان كذلك كان الواجب عليه قراءة ما تيسر وقيل محمول على أنه منسوخ بالدليل على تعيين الفاتحة ولا يخفى ضعفهما لكنه محتمل ومع الاحتمال لا يترك الصريح، وهو قوله: لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وقيل: إن قوله ما تيسر محمول

<<  <  ج: ص:  >  >>