للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثاني والأربعون]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ بِنَخْلَةَ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهْوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ.

قوله: "انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هكذا اختصره البخاري هنا، وفي التفسير. وأخرجه أبو نعيم في "المستخرج" فزاد في أوله ما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الجن ولا رآهم انطلق الخ. وأخرجه مسلم بالسند الذي أخرجه به البخاري فكان البخاري حذف هذه اللفظة عمدًا؛ لأن ابن مسعود أثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ على الجن فكان ذلك مقدمًا على نفي ابن عباس وقد أشار الى ذلك مسلم فأخرج عقب حديث ابن عباس هذا عقب حديث ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أتاني داعي الجن فانطلقت معه فقرأت عليه القرآن" وسيأتي الكلام في آخر الحديث على قول ابن عباس هنا.

وقوله: "في طائفة من أصحابه" قد ذكر ابن إسحاق أنه لم يكن معه من أصحابه إلا زيد بن حارثة. والمصنف قال في طائفة من أصحابه فلعلها كانت وجهة أخرى ويمكن الجمع بأنه لما رجع لاقاه بعضُ أصحابه في أثناء الطريق، فرافقوه، وزيد بن حارثة يأتي تعريفه في التاسع من كتاب الجنائز، وقد ذكر ابن إسحاق وابن سعد أن هذا كان في ذي القعدة سنة عشر من المبعث لما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف، ثم رجع، ويؤيد قوله في هذا الحديث أن الجن رأوه يصلي باصحابه صلاة الفجر والصلاة المفروضة إنما شرعت ليلة الإسراء، والإسراء كان على الراجح قبل الهجرة بسنتين

<<  <  ج: ص:  >  >>