للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن يمضي عشرون يوما، ثم يقام سوق مجنة عشرة أيام إلى هلال ذي الحجة، ثم يقام سوق ذي المجاز ثمانية أيام، ثم يتوجهون إلى مني للحج، ومن أسواق العرب في الجاهلية أيضًا حُباشة بضم المهملة وتخفيف الموحدة بعدها ألف، ثم معجمة وكانت في ديار بارق نحو قَنُونى بفتح القاف وضم النون الخفيفة وبعد الألف نون مقصورة من مكة إلى جهة اليمن على ست مراحل، وإنما لم يذكر هذه السوق في الحديث لأنها لم تكن من مواسم الحج، وإنما كانت تقام في شهر رجب.

قال الفاكهاني: "ولم تزل هذه الأسواق قائمة في الإِسلام إلى أن كان أول ما ترك منها عُكاظ في زمن الخوارج سنة تسع وعشرين ومئة كما مرَّ وآخر ما ترك منها سوق حباشة في زمن داود بن عيسى بن موسى العباسي في سنة سبع وتسعين ومئة"، وفي حديث أبي الزبير عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في الموسم بمجنة، وعُكاظ يبلغ رسالات ربه الحديث أخرجه أحمد وغيره.

وقوله في حديث ابن عباس: في مواسم الحج قال الكرماني: هو كلام الراوي ذكره تفسيرًا وفاته ما زاده المصنف في البيوع في حديث ابن عُيينة قرأها ابن عباس. ورواه ابن أبي عمر في مسنده عن ابن عُيينة، وقال في آخرها: وكذلك كان ابن عباس يقرؤها.

وروى الطبري بإسناد صحيح عن أيوب عن عكرمة أنه كان يقرأها كذلك فهي على هذا من القراآت الشاذة وحكمها عند الأئمة حكم التفسير واستدل بحديث ابن عباس هذا على جواز البيع والشراء للمعتكف قياسًا على الحج والجامع بينهما العبادة وهو قول الجمهور، وعن مالك كراهة ما زاد على الحاجة كالخبز إذا لم يجد مَنْ يكفيه وكذا كرهه عطاء ومجاهد والزهري ولا ريب أنه خلاف الأولى والآية إنما نفت الجناح ولا يلزم من نفيه نفى أولوية مقابله وقوله: وقد حِيل بكسر الحاء المهملة وسكون التحتانية بعدها لام أي: حجز ومنع على البناء للمجهول.

وقوله: "بين الشياطين وبين خبر السماء وأُرسلت عليهم الشُّهب" أي: بضمتين جمع شهاب وظاهر هذا أن الحيلولة وإرسال الشُّهب وقعا في هذا الزمان المتقدم ذكره. والذي تضافرت به الأخبار أن ذلك وقع لهم من أول البعثة النبوية وهذا مما يؤيد تغاير القصتين وأن مجيء الجن لاستماع القرآن كان قبل خروجه -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف بسنتين ولا يعكر على ذلك إلا قوله في هذا الخبر أنهم رأوه يصلي بأصحابه صلاة الفجر؛ لأنه يحتمل أن يكون ذلك قبل فرض الصلوات ليلة الإسراء فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان قبل الإسراء يصلّي قطعًا وكذلك أصحابه، ولكن اختلف هل افترض قبل الخمس شيء أم لا؟ كما مرَّ محررًا في حديث الإسراء أول كتاب الصلاة، فيصح على هذا قول مَنْ قال: إن الفرض أولًا كان صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها والحجة فيه قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} ونحوها من الآيات فيكون إطلاق صلاة الفجر في حديث الباب باعتبار الزمان لا لكونها إحدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء، فتكون قصة الجن

<<  <  ج: ص:  >  >>