للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند ابن خزيمة وابن منده وأصله في مسلم فلا يبقى أحد كان يعبد صنمًا ولا وثنًا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن فيطرح منهم فيها فوج ويقال: هل امتلأت فتقول: هل من مزيد الحديث، وكان اليهود والنصارى ممن كان لا يعبد الصلبان لما كانوا يدعون أنهم يعبدون الله تعالى تأخروا مع المسلمين فلما حققوا على عبادة مَنْ ذكر من الأنبياء ألحقوا بأصحاب الأوثان ويؤيده قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} الآية، فأما مَنْ كان متمسكًا بدينه الأصلي فخرج بقوله الذين كفروا وعلى ما ذكر أيضًا من حديث أبي سعيد يبقى أيضًا مَنْ كان يظهر الإيمان من مخلص ومنافق قال ابن بطال في هذا الحديث: إن المنافقين يتأخرون مع المؤمنين رجاء أن ينفعهم ذلك بناء على ما كانوا يظهرونه في الدنيا فظنوا أن ذلك يستمر لهم فميز الله المؤمنين بالغرة والتحجيل إذ لا غرة ولا تحجيل للمنافق فقد ثبت أن الغرة والتحجيل خاص بالأُمة المحمدية فهم يتميزون بعدم السجود وبإطفاء نورهم بعد أن حصل لهم ويحتمل أن يحصل لهم الغرة والتحجيل ثم يسلبان عند إطفاء النور وقال القرطبي ظن المنافقون أن تسترهم بالمؤمنين ينفعهم في الآخرة كما كان نفعهم في الدنيا جهلًا منهم فتستروا بهم حتى ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ويحتمل أنهم لما سمعوا التتبع كل أُمة مَنْ كانت تعبد والمنافق لم يكن يعبد شيئًا بقي حائرًا حتى ميز وهذا ضعيف لأنه يقتضي تخصيص ذلك بمنافق كان لا يعبد شيئًا وأكثر المنافقين كانوا يعبدون غير الله تعالى من وثن وغيره.

وفي رواية أبي سعيد الآتية بعد قوله: كأنها سراب فيقال لليهود ما كنتم تعبدون قالوا: نعبد عزير بن الله فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد قدم اليهود بسبب تقدم ملتهم على ملة النصارى.

وقوله: "فيقال لهم" قال في "الفتح": لم أقف على تسمية قائل ذلك لهم والظاهر أنه الملك الموكل بذلك.

وقوله: "كنا نعبد عزير ابن الله" فيه إشكال؛ لأن المتصف بذلك بعض اليهود وأكثرهم ينكرون ذلك ويمكن أن يجاب بأن خصوص هذا الخطاب لمن كان متصفًا بذلك ومن عداهم يكون جوابهم بذكر مَنْ كفروا به كما وقع في النصارى فإن منهم مَنْ أجاب بالمسيح ابن الله مع أن فيهم مَنْ كان بزعمه يعبد الله وحده وهم الاتحادية الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وفي الحديث المذكور ثم يقال للنصارى ما كنتم تعبدون فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد ويقال فيه ما قيل في الذي قبله.

وقوله: "في الموضعين كذبتم" قال فيه الكرماني التصديق والتكذيب لا يرجعان إلى الحكم الذي أشار إليه فإذا قيل جاء زيد بن عمرو بكذا فمن كذبه أنكر مجيئه بذلك الشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>