للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو بن علي الفلاّس وعقبة بن مكرم وبندار وأبو موسى وغيرهم. مات في جمادى الأولى سنة مائتين والشعيري في نسبه نسبة إلى إقليم الشعيرة بلد بحمص. ثم قال المصنف:

بابٌ لا يفرق بين اثنين

باب بالتنوين ولا ناهية والفعل من التفريق مبني للفاعل والمفعول. قال الزين بن المنير: التفرقة بين اثنين تتناول القعود بينهما وإخراج أحدهما والقعود مكانه، وقد يطلق على مطلق التخطي وفي التخطي زيادة رفع رجليه على رؤوسهما أو أكتافهما، وربما تعلق بثيابهما شيء مما برجليه. وقد نقل ابن المنذر عن الجمهور كراهة التخطي واختار التحريم، وبه جزم النووي في "زوائد الروضة" والأكثر على أنها كراهة تنزيه ونقله الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي. والمشهور عند الشافعية الكراهة كما جزم به الرافعي، نعم لا يكره للإِمام إن لم يبلغ المحراب إلا بالتخطي لاضطراره إليه ومَنْ وجد فرجة لا يبلغها إلا بتخطي صف أو صفين لا يكره وإن وجد غيرها؛ لتقصير القوم بإخلاء الفرجة لكن يستحب له إن وجد غيرها أن لا يتخطى.

وعند مالك يجوز التخطي قبل جلوس الخطيب إن كان لفرجة وإلا كره كراهة تنزيه، وبعد جلوسه على المنبر يحرم ولو لفرجة. والتخطي المراد به تخطي الرقاب من صف إلى صف، وأما المشي بين الصفوف فجائز ولو في حال الخطبة. وبقول مالك: قال الأوزاعي: والأحاديث الواردة في الزجر عن التخطي مخرجة في "المسند" و"السنن" وفي غالبها ضعف وأقوى ما ورد فيه ما أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي الزاهر قال: "كنا مَع عبدِ اللهِ بن بسرٍ صاحب النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فذكرَ أنَّ رجلًا جاءَ يتخطى، والنَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يخطبُ فقال: اجلسْ فقد آذيت". وزاد ابن ماجَه والحاكم "وآنيت" أي: تأخرت وأبطأت.

ولأبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه: "مَنْ تخطى رقابَ الناس كانتْ له ظهرًا" أي: لا تكون له كفارة لما بينهما.

وفي الطبراني: "أنه عليه الصلاة والسلام قال لرجلٍ: رأيتُكَ تخطى رقابَ الناس وتؤذيهمْ، مَنْ آذى مسلمًا فقد آذاني، ومَنْ آذاني فقد آذى اللهَ".

وللتِّرمِذِيّ: "مَنْ تخطى رقابَ الناسِ يومَ الجُمعةِ اتخذَ جسرًا إلى جهنّمَ". قال العراقي المشهور اتخذ مبنيًا للمفعول أي: (ويجعل جسرًا على طريق جهنم) ليوطأ ويتخطى كما تخطى رقاب الناس فإن الجزاء من جنس العمل، ويحتمل أن يكون مبنيًا للفاعل أي: (اتخذ لنفسه جسرًا يمشي عليه إلى جهنم) بسبب ذلك.

ويستدل على ما ذهب إليه مالك من التفرقة بما أخرجه أحمد في "مسنده" عن الأرقم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنّ الذي يتخطى رقابَ الناس ويفرّقُ بين خروجِ الإِمام كالجارِّ قُصبهُ في النارِ". والقصب بضم القاف المِعَى جمعه أقصاب. وقيل: اسم للأمعاء كلها، وقيل: اسم لما كان أسفل

<<  <  ج: ص:  >  >>