للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماجه: "فلما جاوزه خار الجذع حتى تصدع وانشق". وفي حديثه فأخذ أُبيّ بن كعب: "ذلك الجذع لما هدم المسجد، فلم يزل عنده حتى بلي وصار رفاتًا"، وهذا لا ينافي ما في حديث أنس عند أبي عوانة وابن خزيمة، ثم أمر به فدفن.

وفي حديث أبي سعيد عند الدارمي: "فأمر به أن يحفر له ويدفن" لاحتمال أن يكون ظهر بعد الهدم عند التنظيف، فأخذه أُبي بن كعب وعند الدارمي عن بريدة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه فتكون كما كنت قبل أن تصير جذعًا، وإن شئت أن أغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل منك أولياء الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- اختار أن أغرسه في الجنة".

وقوله: "فوضع يده عليه". وفي "علامات النبوءة": "فأتاه فمسح يده عليه. وفي رواية الإِسماعيلي: "فأتاه فاحتضنه فسكن فقال: لو لم أفعل لما سكن ونحوه عند الدارمي عن ابن عباس بلفظ: "لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة". ولأبي عوانة وابن خزيمة وأبي نعيم عن أنس: "والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة حزنًا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أمر به فدفن". وأصله في الترمِذِيّ دون الزيادة، وعند أبي نعيم عن سهل بن سعد: "فقال: ألا تعجبون من حنين هذه الخشبة، فأقبل الناس عليها فسمعوا من حنيها حتى كثر بكاؤهم ووقع في حديث الحسن عن أنس: كان الحسن إذا حدّث بهذا الحديث يقول: يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شوقًا إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه.

قال البيهقي: قصة حنين الجذع من الأُمور الظاهرة التي حملها الخلف عن السلف، ورواية الأخبار الخاصة فيها كالتكلف، وفي الحديث دلالة على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكًا كالحيوان بل كأشرف الحيوان، وفيه تأييد لقول مَنْ يحمل: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} على ظاهره. وقد نقل ابن أبي حاتم في "مناقب الشافعي" عنه أنه قال: ما أعطى الله تعالى نبيًا ما أعطى محمدًا، فقال له عمرو بن سواد: أعطى عيسى إحياء الموتى قال له: أعطى محمدًا حنين الجذع حخى سمع صوته فهذا أكبر من ذلك.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا إلا ابن أنس، مرَّ سعيد بن أبي مريم في الرابع والأربعين من العلم، ومرَّ محمد بن جعفر في التاسع من الحيض، ومرّ يحيى بن سعيد في الأول من بدء الوحي، ومرّ جابر في الرابع من بدء الوحي، وأما ابن أنس فهو حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك، ذكره ابن حِبّان في "الثقات" وقال أبو حاتم: هو أحب إليَّ من حفص بن عمر، ولا ندري أسمع من جابر وأبي هريرة أم لا. روى عن جده وجابر وابن عمر وأبي هريرة وقال أبو حاتم: لا يثبت له السماع إلا من جده، وروى عنه يحيى بن سعيد ويحيى بن كثير وأُسامة بن زيد الليثي وغيرهم. ومَنْ قال إنه عبيد الله بن

<<  <  ج: ص:  >  >>