للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمر وعثمان كانوا يخطبون يوم الجمعة قيامًا حتى شق على عثمان القيام فكان يخطب قائمًا ثم يجلس، فلما كان معاوية خطب الأولى جالساً والأخرى قائمًا، واحتجوا أيضًا بمواظبته -صلى الله عليه وسلم- على القيام.

وحديث جابر بن سمرة المتقدم أصرح في المواظبة من حديث الباب إلا أن إسناده ليس على شرط البخاري، واحتجوا بمشروعية الجلوس بين الخطبتين قالوا: فلو كان القعود مشروعًا في الخطبتين ما احتاج إلى الفصل بالجلوس؛ ولأن الذي نقل عنه الجلوس كان معذورًا كما مرّ قريبًا، نعم تصح خطبة العاجز عنه قاعدًا ثم مضطجعًا كالصلاة، ويجوز الاقتداء بمن خطب من غير قيامٍ سواء قال: لا أستطيع أم سكت؛ لأن الظاهر أنه إنما قعد أو اضطجع لعجزه فإن ظهر أنه كان قادرًا فكإمام ظهر أنه كان جنبًا، وأجاب من لم يشترط القيام عن آية: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} بأنه إخبار عن حالته التي كان عليها عند انفضاضهم، وبأن حديث الباب لا دلالة فيه على الاشتراط، وبأن إنكار كعب على عبد الرحمن إنما كان لتركه السنة ولو كان شرطًا لما صلوا معه مع تركه له.

وأجيب بأنه صلى معه مع تركه القيام الذي هو شرط خوف الفتنة، أو أن الذي قعد إن لم يكن معذورًا فقد يكون قعوده نشأ عن اجتهاد منه كما قالوه في إتمام عثمان الصلاة في السفر وقد أنكر ذلك ابن مسعود ثم أنه صلّى خلفه فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر، وعن مواظبته بأنه عليه الصلاة والسلام كان يواظب على الشيء الفاضل مع جواز غيره، ونحن نقول به. واستدل من لم يشترط بحديث أبي سعيد الآتي قريبًا: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله" وبحديث سهل الماضي قبل "مُري غلَامَك يعمل لي أعوادًا أجلس عليها".

وأجيب عن الأول بأنه كان في غير خطبة الجمعة، وعن الثاني باحتمال أن تكون الإشارة إلى الجلوس أول ما يصعد وبين الخطبتين ويأتي بعد بابين الكلام على القعدة بين الخطبتين.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا إلا عبيد الله القواريري، مرَّ خالد بن الحارث في تعليق بعد الثاني من أحاديث استقبال القبلة، ومرّ عبيد الله العمري في الرابع عشر من الوضوء، ومرّ نافع في الأخير من العلم، ومرَّ محل عبد الله الآن والباقي عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي مولاهم القواريري أبو سعيد البصري نزيل بغداد. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال أحمد بن سيار: لم أرَ في جميع مَنْ رأيت مثل مسدد بالبصرة والقواريري ببغداد وصدقة بمرو. قال أحمد بن يحيى ثعلب: سمعت من عبيد الله القواريري مئة ألف حديث. وقال ابن معين والعجلي والنَّسائيّ ومسلمة: ثقة. وقال صاحب جزرة: ثقة صدوق أوثق من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة.

وذكره ابن حِبّان في "الثقات" قال في "الزهرة": روى عنه البخاري خمسة، ومسلم أربعين. روى عن حماد بن زيد وعبد الوارث بن سعيد وابن عُيينة وخالد بن الحارث وغيرهم. وروى عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>