للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الخمسون]

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمِنْبَرَ وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِلَيَّ". فَثَابُوا إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ يَقِلُّونَ، وَيَكْثُرُ النَّاسُ، فَمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيِّهِمْ".

قوله: "وكان آخر مجلس جلسه" وفي حديث أنس في "المناقب" "ولم يصعده بعد ذلك اليوم" وعرف منه أن ذلك كان في مرض موته -صلى الله عليه وسلم- وصرّح به في "علامات النبوءة".

وقوله: "متعطفًا ملحفة على منكبيه" وفي رواية "المناقب" "وعليه ملحفة متعطفًا بها على منكبيه" المِلحفة بكسر أوله، وقوله: متعطفًا أي: متوشحًا مرتديًا، والعطاف الرداء سُمي بذلك لوضعه على العطفين وهما ناحيتا العنق، ويطلق على الأردية معاطف.

وقوله: "بعصابة" بكسر أوله وهي ما يشد به الرأس وغيرها وقيل في الرأس بالتاء وفي غير الرأس يقال عصاب فقط، وهذا يرده قوله في حديث مسلم عصب بطنه بعصابة.

وقوله: "دَسِمَة" أي: بكسر السين وفي رواية دسماء أي: لونها كون الدسم وهو الدهن، وقيل المراد أنها سوداء لكن ليست خالصة السواد، ويحتمل أن تكون اسودّت من العرق أو من الطيب كالغالية وقد تبين من حديث أنس أنها كان حاشية برد حيث قال: وقد عصب على رأسه حاشية برد والحاشية غالبًا تكون من لون غير لون الأصل، وقيل: المراد بالعصابة العمامة ومنه حديث "مسح على العصائب".

وقوله: "فإن هذا الحي من الأنصار يقلّون ويكثر الناس. قوله: "من الأنصار" من بيانية أي: الذي هو الأنصار وفي قوله: "يقلّون" إشارة إلى دخول قبائل العرب والعجم في الإِسلام، وهم أضعاف أضعاف قبيلة الأنصار فمهما فرض في الأنصار من الكثرة كالتناسل فرض في كل طائفة من أولئك فهم أبدا بالنسبة إلى غيرهم قليل، ويحتمل أن يكون -صلى الله عليه وسلم- اطلع على أنهم يقلّون مطلقًا فأخبر بذلك، فكان كما أخبر؛ لأن الموجودين الآن من ذرية علي بن أبي طالب ممن يتحقق نسبه إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>