للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب القعدة بين الخطبتين]

قال الزين بن المنير: لم يصرح بحكم الترجمة؛ لأن مستند ذلك الفعل ولا عموم له ولا اختصاص بذلك لهذه الترجمة فإنه لم يصرح بحكم غيرها من أحكام الجمعة، وظاهر صنيعه أنه يقول بوجوبها كما يقول في أُصول الخطبة.

[الحديث الحادي والخمسون]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا.

قوله: "يخطب خطبتين يقعد بينهما" مقتضاه أنه كان يخطبهما قائمًا. وقد مرّ في باب (الخطبة قائمًا) الأحاديث المصرّح فيها بالقعود مثل هذا، وفيها حديث أبي داود وفيه: "ثم يجلس فلا يتكلم ثم يقوم فيخطب" واستفيد منه أن حال الجلوس بين الخطبتين لا كلام فيه، لكن ليس فيه نفي أن يذكر الله أو يدعوه سرًا. ودلّ هذا الحديث وغيره على مشروعية الجلوس بين الخطبتين، ولكن هل هو على سبيل الوجوب أو على سبيل الندب؟ فذهب الشافعي إلى أن ذلك على سبيل الوجوب. وذهب أبو حنيفة ومالك في مشهور مذهبه إلى أنها سُنة وليست بواجبة وقيل ندب.

واستدل الشافعي على وجوبها بمواظبته -صلى الله عليه وسلم- عليها مع قوله: "صلّوا كما رأيتموني أُصلي". قال ابن دقيق العيد: يتوقف ذلك على ثبوت أن إقامة الخطبتين داخلة تحت كيفية الصلاة، وإلا فهو استدلال بمجرد الفعل، وزعم الطحاوي إلى أن الشافعي تفرد بذلك وتعقب بأنه محكي عن مالك أيضًا في رواية، وهو المشهور عن أحمد نقله العراقي في "شرح الترمذي". وحكى ابن المنذر أن بعض العلماء عارض الشافعي بأنه -صلى الله عليه وسلم- واظب على جلوس قبل الخطبة الأولى فإن كانت مواظبته دليلًا على شرطية الجلسة الوسطى، فلتكن دليلًا على شرطهية الجلسة الأولى، وهذا متعقب بأن كل الروايات عن ابن عمر ليست فيها هذه الجلسة الأولى وهي من رواية عبد الله العمري المضعف فلم تثبت المواظهبة عليها بخلاف التي بين الخطبتين.

وقال صاحب "المغني" لم يوجبها أكثر أهل العلم؛ لأنها جلسة ليس فيها ذكر مشروع فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>