للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يمتنع أن ينزلوا فيصلّوا ولا يكون في ذلك مضادة لما أمروا به، ودعوى أنهم صلّوا ركبانًا يحتاج إلى دليل وليس موجودًا صريحًا في شيء من طرق هذه القصة، وقد مرّ بعث ابن بطال قبيل هذا الحدث.

وقال ابن القيم في "الهدي" ما حاصله كل من الفريقين مأجور بقصده إلا أن مَنْ صلّى حاز الفضيلتين: امتثال الأمر في الإسراع، وامتثال الأمر بالمحافظه على الوقت ولاسيما ما في هذه الصلاة بعينها من الحث على المحافظة عليها. وإن من فاتته حبط عمله وإنما لما يعنف الذين أخروها لقيام عذرهم في التمسك بظاهر الأمر؛ ولأنهم اجتهدوا فأخروا لامتثالهم الأمر لكنهم لم يصلوا إلى أن يكون اجتهادهم أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى، وأما من احتج لمن أخر بأن الصلاة حينئذ كانت تؤخر كما في الخندق، وكان ذلك قبل صلاة الخوف فليس بواضح أن يكون التأخير في الخندق كان عن نسيان وذلك بين في قوله عليه الصلاة والسلام لعمر لما قال له: "ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال: والله ما صليتها" لأنه لو كان ذاكرًا لها لبادر إليها كما فعل عمر. وقد مرّ تأخير الصلاة في الخندق في أواخر مواقيت الصلاة بما يغني عن إعادته هنا، واستدل به على أن الذي يتعمد تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها يقضيها بعد ذلك؛ لأن الذين لم يصلّوا العصر صلّوها بعد ذلك كما عند ابن إسحاق أنهم صلوها في وقت العشاء، وعند موسى بن عقبة أنهم صلّوها بعد أن غابت الشمس، وكذا في حديث كعب بن مالك وفيه نظر؛ لأنهم لم يؤخروها إلا لعذر تأولوه والنزاع إنما هو فيمن أخر عمدًا بغير تأويل.

[رجاله أربعة]

قد مرّوا: مرَّ عبد الله بن محمد بن أسماء في الثالث من "الجمعة"، ومرّ جويرية بن أسماء في السابع والتسعين من أحاديث استقبال القبلة، ومرّ نافع في الأخير من "العلم"، ومرَّ ابن عمر في أول "الإيمان" قبل ذكر حديث منه.

[لطائف إسناده]

فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، والنصف الأول من الرواة بصري، والثاني مدني أخرجه البخاري في "المغازي" أيضًا ومسلم فيها. ثم قال المصنف:

باب التكبير والغَلَس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب

قوله: "التكبير" كذا للأكثر وللكشميهني التبكير بتقديم الموحدة وهو أوجه والغَلَس بفتحتين ظلمة آخر الليل، والمراد منه التغليس بصلاة الصبح.

وقوله: "عند الإغارة" بكسر الهمزة بعدها معجمة متعلقة بالصلاة وبالتبكير أيضًا وهي في الأصل الإسراع في العدو والمراد به هنا الهجوم على العدو على وجه الغفلة، ووجه دخول هذه الترجمة في أبواب صلاة الخوف الإشارة إلى أن صلاة الخوف لا يشترط فيها التأخير إلى آخر الوقت

<<  <  ج: ص:  >  >>