للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل لأنها كلها أيام تشريق لصلاة يوم النحر، فصارت تبعًا ليوم النحر والمعنى أن أيام التشريق سميت بذلك؛ لأن صلاة العيد إنما تصلى بعد أن تشرق الشمس.

وقال ابن السكيت: هو من قول الجاهلية أشْرِقْ ثَبِير كيما نُغير ثبير بوزن أمير جبل (بمنى) أي أدخل أيها الجبل في الشروق كي ما نغير، أي ندفع فننحر. ولعلهم أخرجوا يوم العيد منها لشهرته بلقب يخصه وهو يوم العيد، وإلا فهي في الحقيقة تبع له في التسمية كما تبين من كلامهم، ومن ذلك حديث علي "لا جمعة ولا صلاة عيد". قال وكان أبو حنيفة يذهب بالتشريق في هذا إلى التكبير في دبر الصلاة يقول: لا تكبير إلا على أهل الأمصار. قال: وهذا لم نجد أحدًا يعرفه ولا وافقه عليه صاحباه ولا غيرهما. ومن ذلك حديث من ذبح قبل التشريق أي قبل صلاة العيد "فَلْيعِدْ" رواه أبو عبيد من مرسل الشعبي، ورجاله ثقات.

وهذا كله يدل على أن يوم العيد من أيام التشريق. ثم قال: وقال ابن عباس: "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات أيام العشر" والأيام المعدودات أيام التشريق. كذا لأبي ذر عن الكشميهني بوفاق التلاوة، وفي رواية كريمة وشبويه وقال ابن عباس: "واذكروا الله" إلى آخره وللحموي والمستملي "ويذكروا الله في أيام معدودات" واعترض على الروايتين الأخيرتين بأن التلاوة "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" أو واذكروا الله في أيام معدودات.

وأجيب بأنه لم يقصد التلاوة، وإنما حكى كلام ابن عباس وابن عباس أراد تفسير المعلومات والمعدودات. وقد وصله عبد بن حميد عن عمرو بن دينار عنه وفيه الأيام المعدودات أيام التشريق والأيام المعلومات أيام العشر، وروى ابن مردويه عن ابن عباس قال: الأيام المعلومات التي قبل يوم التروية، ويوم التروية ويوم عرفة، والمعدودات أيام التشريق وإسناده صحيح وظاهره إدخال يوم العيد في أيام التشريق.

وقد روى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن عباس أن المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده ورجح الطحاوي هذا لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} فإنه مشعر بأن المراد أيام النحر وهذا لا يمنع تسمية أيام العشر معلومات ولا أيام التشريق معدودات، بل تسمية أيام التشريق معدودات متفق عليه لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}.

وقد قيل إنها إنما سميت معدودات؛ لأنها إذا زيد عليها شيء عد ذلك حصرًا أي في حكم حصر العدد. وعند مالك المعلومات أيام النحر، والأيام المعدودات أيام (مني) وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، فيوم العيد معلوم غير معدود واليوم الرابع معدود غير معلوم، وهذا هو قول علي وابن عمر، وبهذا قال أبو يوسف ومحمد قيل سميت معدودات لقلتهن، ومعلومات لجزم الناس على علمها؛ لأجل فعل المناسك في الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>