للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق منها معين، لكن في رواية الشافعي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب مرسلا "أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يغدو يومَ العيد إلى المُصلَّى من الطريق الأعظم ويرجعُ من الطريق الأخرى" وهذا لو ثبت قوي بحث ابن التين، وقيل فعل ذلك ليعمهم في المرور به أو التبرك بمروره وبرؤيته والانتفاع به في قضاء حوائجهم في الاستفتاء أو التعلم والاقتداء والاسترشاد أو الصدقة أو السلام عليهم أو غير ذلك. وقيل ليزور أقاربه الأحياء والأموات، وقيل ليصلَ رحمه، وقيل ليتفاءل بتغير الحالة إلى المغفرة والرضى، وقيل كان في ذهابه يتصدق فإذا رجع لم يبق معه شيء فيرجع في طريق أخرى؛ لئلا يرد من يسأله وهذا ظاهر الفساد ويحتاج إلى دليل، وقيل فعل ذلك لتخفيف الزحام وهذا رجحه أبو حامد وأيده المحب الطبري بما رواه البيهقي في حديث ابن عمر فقال فيه "ليسع الناس" وتعقب بأنه ضعيف وبأن قوله: "ليسع الناس" يحتمل أن يفسر ببركته وفضله وهذا هو الذي رجحه ابن التين.

وقيل كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من الطريق التي يرجع فيها فأراد تكثير الأجر بتكثير الخُطا في الذهاب وأما في الرجوع فأراد السرعة إلى منزله وهذا اختيار الرافعي وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل وبأن أجر الخطى يكتب في الرجوع أيضًا كما ثبت في حديث أبي بن كعب عند الترمذي وغيره، فلو عكس ما قال لكان له اتجاه فيكون سلوك الطريق القريب للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك فضيلة أول الوقت، وقيل لأن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم وقال ابن أبي جمرة هو في معنى قول يعقوب لبنيه لا تدخلوا من باب واحد فأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين. وقيل إنه فعل ذلك بجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا إلا أبا نُمَيلة، مرّ محمد بن سلام في الثالث عشر من "الإيمان"، وقيل إنه محمد بن مقاتل وقد مرّ في السابع من كتاب "العلم"، مرّ سعيد بن الحارث في الثالث عشر من كتاب "الصلاة"، ومرّ فليح في الأول من "العلم"، ومرّ جابر في الرابع من "بدء الوحي".

وأبو نميلة بالتصغير هو يحيى بن واضح الأنصاري مولاهم الحافظ قال ابن سعد والنسائي: ثقة وكذا قال أحمد. وقال صالح جزرة: ثقة في الحديث وكان محمود الرواية. وقال أبو حاتم: ثقة في الحديث أدخله البخاري في الضعفاء فحقه أن يحول من هنا. قال صاحب "الميزان" لم أرَ له في الضعفاء للبخاري ذكرًا وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال العباس بن مصعب المروزي كان أبو نميلة عالمًا بأيام الناس، وقال زنيج عن أبي نميلة كان أبي والمبارك والد عبد الله تاجرين وكانا قد جعلا لنا من حفظ منا قصيدة فله درهم قال أبو غسان فخرجا شاعرين، وقال ابن خراش: صدوق، وقال ابن معين مرة: ثقة ومرة ليس به بأس ومرة لا يحسن شيئًا.

روى عن حسين بن واقد وأبي ظبية عبد الله بن مسلم ومحمد بن إسحاق والأوزاعي وغيرهم. وروى عنه أحمد وإسحاق ومحمد بن سلام البيكندي وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>