للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبه، أما مذهب مالك فالأرامل عنده شاملة للذكر والأنثى، وهذا البيت من قصيدة لأبي طالب ذكرها ابن إسحاق في السيرة بطولها وهي مائة بيت وعشرة أبيات قالها لما تمالأت قريش على النبي -صلى الله عليه وسلم- ونفروا عنه من يريد الإِسلام أولها:

ولما رأيت القوم لا ود فيهم ... وقد قطعوا كل العُرى والوسائل

وقد جاهرونا بالعداوة والأذى ... وقد طاوعوا أمر العدو المزايل

يقول فيها:

أعبد مناف أنتم خير قومكم ... فلا تشركوا في أمركم كل واغل

فقد خفت إن لم يصلح الله أمركم ... تكونوا كما كانت أحاديث وائل

ويقول فيها:

أعوذ برب الناس من كل طاعن ... علينا بسوء أو ملح بباطل

وثورٍ ومن أرسى ثَبيرًا مكانه ... وراق لبر في حراء ونازل

وبالبيت حق البيت من بطن مكة ... وبالله إن الله ليس بغافل

ويقول فيها:

كذبتم وبيتِ الله نبزى محمدًا ... ولما نطاعنْ دونَه ونناضل

ونُسْلِمَه حتى نُصرَّع حَوله ... وندهلَ عن أبنائنا والحلائلِ

وما تَرْكُ قوم لا أبا لك سيدًا ... يحوطُ الذمارَ بين بكر بن وائل

وأبيض يَستسقى الغمامُ بوجهِه ... ثِمَالُ اليتامى عصمةٌ للأرامل

يلوذ به الهلّاك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمة وفواضل

وقد أتى بها صاحب "خزانة الأدب الكبرى" مشروحة قال السهيلي: فإن قيل كيف قال أبو طالب يستسقى الغمام بوجهه ولم يره قط استسقى إنما كان ذلك منه بعد الهجرة؟ وأجاب بما حاصله أن أبا طالب أشار إلى ما وقع في زمن عبد المطلب حيث استسقى لقريش والنبي -صلى الله عليه وسلم- معه غلام أو أشار بهذا إلى ما أخرجه ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: "قدمتُ مكةَ وهم في قحطٍ فقالت قريشُ: يا أبا طالبٍ أقحطَ الوادي وأجدبَ العيالُ فهلُّمَ فاستسق فخرجَ أبو طالب معه غلامٌ -يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- كأنَّه شمسُ دجنٍ تجلتْ في سحابةٍ قتماءَ وحولَهُ أغيَلمةٌ فأخذَهُ أبو طالب فألصقَ ظهرهُ بالكعبة ولاذَ الغلامُ وما في السماءِ قَزَعة فأقبلَ السحابُ من هاهنا وهاهنا، وأغدقَ واغدودقَ وانفجرَ الوادي وأخصبَ النادي والبادي". وفي ذلك يقول أبو طالب: وأبيضَ يُستسقى الغمامُ بوجهه ..

ويحتمل أن يكون أبو طالب مدحه بذلك لما رأى من مخايل ذلك فيه وإن لم يشاهد وقوعه. قال في "الفتح": والظاهر أن مجيء أبي سفيان المذكور في حديث ابن مسعود كان قبل الهجرة؛ لقول ابن مسعود في حديثه الآتي في باب (إذا استشفع المشركون) الخ ثم عادوا فذلك قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>