للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراءة مع الإِمام فقال: لا قراءة مع الإمام في شيء وزعم أنه قرأ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والنجم إذا هوى فلم يسجد ففي مسلم إجابة زيد بن ثابت عمّا سأله عنه عطاء بن يسار وأفاد بفائدة أخرى زائدة على ما سأله فرواية البخاري إما وقعت مختصرة أو كان سؤال عطاء ابتداء عن سجدة النجم فأجاب عن ذلك مقتصرًا عليه وكلا الوجهين جائزان وأما ما قاله من كونه حذف الموقوف لكونه ليس من غرضه في هذا المكان فبقيد لأنه ليس من عادة البخاري التصرف في متن الحديث بالزيادة والنقصان لأجل غرضه أو قوله، فزعم أراد أخبر، والزعم يطلق على المحقق قليلًا كهذا وعلى المشكوك كثيرًا، وقد تكرر ذلك، ومن شواهده قول الشاعر:

على الله أرزاق العباد كما زعم

ويحتمل أن يكون زعم في الشعر، بمعنى ضمن، ومنه الزعيم غارم أي: الضامن.

قلت: هذا الحديث يمكن عندي أن يكون هو دليل المالكية في اشتراطهم كون المستمع لا بد أن يكون قاصدًا التعليم باستماعه من القارىء. أمّا القرآن وأحكامه من ادغام وإظهار ونحوهما من التجويد. والشعبي -عليه الصلاة والسلام- معلّم لزيد، وعندهم قولان في المعلم: هل يسجد أم لا؟ والمشهور عندهم أنه يسجد عند أول مرة، ويكون هذا الحديث هو منشأ الخلاف مع ما يعارضه من الأحاديث. ويشترط عند المالكية في سجود التلاوة أن يكون الساجد متلبسًا بشرط الصلاة، من طهارة، وستر عورة واستقبال. ويشترط في سجود السامع له أن يكون مستمعًا لا سامعًا من غير استماع، وأن يكون القارىء صالحًا للإِمامة في الجملة، بأن يكون ذَكرًا بالغًا محققًا عاقلًا، فلا يسجد مستمع قراءة أضدادهم، وأن لا يكون القارىء قرأ ليسمع الناس حسن قراءته، وإلا فلا يسجد المستمع له، لما دخل قراءته من الرياء، فلم يكن أهلا للإقتداء به. وقد مرَّ قريبًا أن المستمع لابد أن يكون قاصدًا التعليم، وإذا حصلت الشروط سجد المستمع، ولو ترك القارىء السجود على المشهور؛ لأن تركه لا يسقط مطلوبية الآخر به. وهذا في غير الصلاة، وأما فيها فيتجه على تركه بلا خلاف، وتبطل صلاته بفعلها دون إمامة دون العكس، وقولي سابقًا في الجملة: ليدخل ما إذا كان القارىء غير متوضىء فإن مستمعه يسجد على قول، وقيل لا يسجد وهو المعتمد وليدخل سجود مستمع غير عاجز من متوضىء، عاجز عن ركن، ومستمع مكروه الإِمامة، وكذا من فاسق بجارحة. على المعتمد. وشهر بعض المالكية أن القارىء أيضًا إذا كان قاصدًا إسماع حسن صوته للناس لا يسجد، كالمستمع. وتأتي زيادة من غير المالكية في باب مَنْ لم يجد موضعًا للسجود، واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المستمع لا يسجد إلاَّ إذا سجد القارىء لآية السجود. وهو قول عند المالكية، وبه قال أحمد وإليه ذهب القفال.

وقال الشيخ أبو حامد: والبغداديون يسجد المستمع وإن لم يسجد القارىء. وهو ما مرّ عن المالكية، واستدل به البيهقي وغيره على أن السامع لا يسجد ما لم يكون مستمعًا قال: وأصح الوجهين واختاره إمام الحرمين. وهو قول المالكية كما مرَّ، والحنابلة. وقال الشافعي في مختصر

<<  <  ج: ص:  >  >>