للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ.

وهذا الحديث، قال التِّرْمِذِيُّ بعد أن أخرجه: حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي الموالي، وهو مدنيّ ثقة، روى عنه غير واحد، وله بشواهد، فقد رواه غير واحد من الصحابة، كما رواه ابن أبي الموالي، فقد رواء ابن مسعود وأبو أيوب وأبو سعيد وأبو هريرة وابن عباس وابن عمر، فحديث ابن مسعود أخرجه الطبرانيّ وصححه الحاكم، وحديث أيوب أخرجه الطبرانيّ وصححه ابن حِبّان والحاكم، وحديث أبي سعيد وأبي هريرة أخرجهما ابن حِبّان في صحيحه، وحديث ابن عمر وابن عباس حديث واحد أخرجه الطبرانيّ عن عطاء عنهما، وليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا حديث جابر، غير أن لفظ أبي أيوب "كتمْ الخطبةَ وتوضأ فأحسنِ الوضوء، ثم صلِّ ما كتب الله لكَ" الحديث، فالتقييد بركعتين خاص بحديث جابر، وجاء ذكر الاستخارة في حديث سعد، رفعه "من سعادة ابن آدم استخارته الله" أخرجه أحمد، وسنده حسن، وأصله عند التِّرْمِذِيّ، لكن بذكر الرضى والسخط، لا بلفظ الاستخارة.

ومن حديث أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اراد أمرًا قال: "اللَّهمَّ خِرْ لي واختر لي" أخرجه التِّرمِذِيُّ، وسنده ضعيف. وفي حديث أنس، رفعه "ما خاب مَنْ استخار" الحديث، أخرجه الطبرانيّ في "الصغير" بسندٍ واهٍ جدًا.

وقوله: عن محمد بن المُنْكَدِر عن جابر، وقع في التوحيد عن عبد الرحمن، سمعت محمد بن المُنْكَدِر يحدث عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب يقول: أخبرني جابر السّلَميّ، أي: بفتح اللام، نسبة إلى بني سَلِمة، بكسر اللام، بطن من الأنصار، وعند الإسماعيليّ عن بشر بن عمير، حدثني عبد الرحمن، سمعت ابن المُنْكَدِر، حدّثني جابر. وقوله: "يعلمنا الاستخارة"، في رواية معن "يعلَّم أصحابه"، وكذا في طريق بشر بن عمير، أي: صلاة الاستخارة ودعاءها، وهي طلب الخِيَرَة، على وزن العنَبة اسم من قولك خاره الله وخار له. وفي النهاية: خار الله لك، أي: أعطاك ما هو خيرٌ لك، والخيْرة بسكون الياء، الاسم منه، وأما بالفتح، فهو الاسم من قولك: خاره الله. ومحمد -صلى الله عليه وسلم- خِيْرة اللهِ من خَلْقه، يقال بالفتح والسكون، وهو من باب الاستفعال، وهو في لسان العرب على معان، منها سؤال الفعل، والتقدير: أطلب منك الخَيْر فيما هممتُ به. والخير هو كل ما زاد نفعه على ضره.

وقوله: "في الأمور كلها"، قال ابن أبي جَمْرة: هو عام أريدَ به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في

<<  <  ج: ص:  >  >>