للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنَافِقِينَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ. قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَأَنْكَرَهَا عَلَيَّ أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهِ، فَقَفَلْتُ فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ، فَإِذَا عِتْبَانُ شَيْخٌ أَعْمَى يُصَلِّي لِقَوْمِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْتُهُ مَنْ أَنَا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِيهِ كَمَا حَدَّثَنِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

قوله: "حدثنا إسحاق" قيل: هو ابن راهَوَيه، فإن هذا الحديث في مسنده بهذا الإسناد، لكن في لفظه مخالفة يسيرة، فيحتمل أن يكون إسحاق شيخ البخاريّ، فيه، هو وابن منصور. وقوله: "أخبرنا يعقوب" التعبير بالإخبار قرينة في كون إسحاق هو ابن راهَوَيه؛ لأنه لا يعبر عن شيوخه إلا بذلك، لكن في رواية كريمة وأبي الوقت بلفظ التحديث.

وقوله: "وعقل مجة" قد مرّ الكلام على هذا الحديث في باب "متى يصح سماع الصغير" من كتاب العلم. وقوله: "كان في دارهم" أي: الدلو، وفي وراية الكشميهنيّ "كانت" أي: البئر. وقوله: "فزعم محمود" أي: أخبر، وهو من إطلاق الزعم على القول. وقوله: "فيشق عليّ" في رواية الكشميهنيّ "فشق" بالماضي. وقوله: "لا أراه" بفتح الهمزة من الرؤية، وقوله: "قال محمود بن الربيع" أي: بالإسناد الماضي.

وقوله: "التي توفي فيها" ذكر ابن سعد وغيره أن أبا أيوب أوصى أن يدفن تحت أقدام الخيل. ويغيب موضع قبره، فدفن إلى جانب جدار القسطنطينية. وقوله: "ويزيد بن معاوية عليهم" أي: كان أميرًا، وذلك في سنة خمسين، وقيل بعدها في خلافة معاوية، ووصلوا في تلك الغزوة حتى حاصروا القسطنطينية. وقوله: "فأنكرها عليّ" قد بين أبو أيوب وجه الإنكار، وهو ما غلب على ظنه من نفي القول المذكور، وأما الباعث له على ذلك، فقيل إنه استشكل قوله: "أن الله قد حرم النار على مَنْ قال لا إله إلا الله" لأن ظاهره لا يدخل أحد من عصاة الموحدين النار، وهو مخالف لآيات كثيرة. وأحاديث شهيرة. وقد مرّ الجواب عن هذا عند ذكر هذا الحديث في باب المساجد في البيوت. وقوله: "حتى أقف" بقاف وفاء، أي: أرجع وزناً ومعنى. وكان الحامل لمحمود على الرجوع إلى عَتبان ليسمع الحديث منه ثاني مرة، أن أبا أيوب لما أنكر عليه اتهم نفسه بأن يكون ما ضبط القدر الذي أنكره عليه، ولهذا قنع بسماعه من عتبان ثاني مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>