للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب إتيان مسجد قباء راكبًا وماشيًا

أورد هذه الترجمة لاشتمال الحديث على حكم آخر غير ما تقدم.

[الحديث التاسع عشر]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَأْتِي قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا. زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.

قوله: "زاد ابن نمير" أي: عَبد الله عن عُبيد الله بن عمر، وطريق ابن نمير وصلها مسلم وأبو يعلى، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله بن نمير، أخبرنا أبي به. وقال أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده: حدّثنا عبد الله بن نمير وأبو أُسامة عن عبيد الله، فذكره بالزيادة، وادّعى الطحاويّ أنها مُدْرَجة، وأن أحد الرواة قاله من عنده، لعلمه أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان من عادته أن لا يجلس حتى يصلي.

وفي هذا الحديث، على اختلاف طرقه، دلالةٌ على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة، والمداومة على ذلك. وفيه أن النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة، ليس على التحريم، لكون النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان يأتي مسجد قباء راكبًا، ومعلوم أن مسجد قباء ليس أحد المساجد الثلاثة المنصوص على مضاعفة الصلاة فيها، فلو كان شد الرحال إلى غيرها ممنوعًا ما فعله عليه الصلاة والسلام، وداوم عليه أصحابه من بعده، كما رواه البخاريّ قريبًا عن ابن عمر من أنه "كان يأتيه كل سبتٍ ويصلي فيه، ويقول: إنما أصنع كما رأيت أصحابي يصنعون"، فقوله هذا يعلم منه بديهةً أن أصحابه عليه الصلاة والسلام، كانوا يفعلون مثل فعله بعد موته عليه الصلاة والسلام، فيلزم من هذا جواز شد الرحال لغير المساجد الثلاثة، ويكون النهي عنه نهي إرشاد من جهةِ أنه لا يحصل فيه أجر زائد على غيره من المساجد، كما مرّ. ففي الترك إبقاء على النفس، حيث لا مصلحة دينية في شد الرحال.

وجواب مَنْ أجاب عن هذا، بأنه -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يأتي قُباء كل سبت لمواصلة الأنصار، وتفقد حالهم وحال مَنْ لم يحضر الجمعة معه، وهذا هو السر في تخصيص ذلك بالسبت، مردودٌ بما ورد من الأحاديث الصريحة في طلب الإتيان إليه للصلاة خاصة، فقد روى النَّسائيّ عن سَهل بن

<<  <  ج: ص:  >  >>