للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو كان جريج عالمًا لعلم أن إجابته أمه أولى من عبادة ربه". قال في "الفتح" يزيد مجهول، وحوشب بمهملة ثم معجمة، وزن جَعْفر. ووهم الدّمياطيّ فزعم أنه ذو ظليم، والصواب خلافه؛ لأن ذا ظليم لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا وقع التصريح بسماعه.

وقوله: قالت: "اللهمَّ لا يموت جريج حتى ينظر في وجه الميَامِيس". وفي رواية أبي ذَرٍّ "وجوه" بصيغة الجمع، وفي أحاديث الأنبياء "اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات"، وفي رواية أبي رافع "حتى تريه المومسة" بالإفراد. وفي حديث عمران بن حصين "فغضبت، فقالت: اللهم لا يموتن جريج حتى ينظر في وجوه المومسات".

والمومسات جمع مُوْمِسة، بضم الميم وسكون الواو وكسر الميم بعدها مهملة، وهي الزانية، تجمع على مواميس بالواو ومد الميم، وجمعت في الطريق المذكور مياميس. وقال ابن الجوزي: إثبات الياء فيه غلط، والصواب حذفها، وخُرِّج على إشباع الكسرة، وحكى غيره جوازه. وفي رواية الأعرج "أبيت أن تطلع إلى وجهك، لا أماتك الله حتى تنظر في وجهك زواني المدينة".

وقوله: "وكانت تأوي إلى صومعته راعيةٌ ترعى الغنم، فولدت، فقيل لها: ممن هذا الولد؟ قالت: من جريج، نزل من صومعته" وفي رواية أحاديث الأنبياء "فتعرضت له امرأة، فظلمته، فأبى، فأتت راعيًا، فأمكنته من نفسها. وفي رواية وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عند أحمد "فذكر بنو إسرائيل عبادة جريج، فقالت بَغِيّ منهم، وكانت يُتَمثل بحسنها: إن شئتم لأفتنَنَّه. قالوا شئنا، فأتته فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأمكنت ففسها من راعٍ كان يؤوي غنمه إلى أصل صومعة جريج".

ولم تُسمَّ هذه المرأة، لكن في حديث عمران بن حصين أنها كانت بنت ملك القرية. وفي رواية أبي سلمة "وكان عند صومعته راعي ضأن وراعية معزى" ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأنها خرجت من دار أبيها بغير علم أهلها متنكرة، وكانت تعمل الفساد إلى أن ادعت أنها تستطيع أن تفتن جُريجًا. فاحتالت بأن خرجت في صورة راعية، ليمكنها أن تأوي إلى ظل صومعته، لتتوصل بذلك إلى فتنته.

وقوله: "قالت مِنْ جُريج" في رواية أبي رافع فقالت: "هو من صاحب الدير" وفي رواية أحمد "فأخذت، وكان من زنى منهم قتل، فقيل لها: "ممن هذا؟ قالت: هو من صاحب الصومعة" وفي رواية الأعرج "قيل لها: من صاحبك؟ قالت: جريج الراهب، نزل إليّ فأصابني" زاد أبو سلمة في روايته "فذهبوا إلى الملك فأخبروه، قال أدركوه، فائتوني به" وفي رواية أحاديث الأنبياء "فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه" وفي رواية أبي رافع "فأقبلوا بفؤوسهم ومساحيهم إلى الدير، فنادوه فلم يكلمهم، فأقبلوا يهدمون ديره" وفي حديث عمران "فما شعر حتى سمع بالفؤوس في أصل صومعته، فجعل يسألهم ويلكم مالكم؟ فلم يجيبوه، فلما رأى ذلك أخذ الحبل فتدلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>