للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الصلاة والسلام، والسعي في إظهاره وإيوائه وأصحابه ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم وقيامهم بحقهم حق القيام مع معاداتهم جميع من وجد من قبائل العرب والعجم، فمن ثَمَّ كان حبهم علامة الإِيمان، وبغضهم علامة النفاق، مجازاة لهم علي عملهم، وتنويهًا بعظيم فضلهم، وإن كان من شاركهم في ذلك مشاركًا لهم في الفضل المذكور، وكلٌّ بقسطه، وقد ثبت في مسلم عن علي أن النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قال له: "لا يُحِبُّكَ إلا مؤمن، ولا يُبْغِضُك إلا منافق" وهذا جارٍ باطِّراد في أعيان الصحابة، لتحقق مشترك الإِكرام لما لهم من حسن العناء في الدين. قال صاحب "المفهم": "وأما الحروب الواقعة بينهم، فإن وقع من بعضهم بغض لبعض فذلك من غير هذه الجهة، بل للأمر الطارىء الذي اقتضى المخالفة، ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام، للمُصيب أجران، وللمُخطىء أجر واحد، وإنما عدل عن لفظ الكفر إلى لفظ النفاق، لأن الكلام فيمن ظاهره الإِيمان وباطنه الكفر، فميزهم عن ذوي الإِيمانُ الحقيقي، فلم يقُل وآية الكفر كذا، إذ هو ليس بكافر ظاهرًا، وأما من يظهر الكفر فلا يخاطب بهذا الترهيب, لأنه مرتكب ما هو أشد من ذلك.

[رجاله أربعة]

الأول: هشام بن عبد الملك الباهِلِي مولاهم أبو الوليد الطَّيالِسِيّ البَصْري الحافظ الإِمام الحجة.

قال أحمد بن حَنْبل: متقن، وهو اليوم شيخ الإِسلام، وما أُقَدِّم عليه أحدًا من المحدثين، وهو أسن من عبد الرحمن بن مَهدي بثلاث سنين.

وقال ابن دارة: قلت لأحمد: أبو الوليد أحب إليك في شعبة أو أبو النَّضْر؟ فقال: إن كان أبو الوليد يكتب عند شعبة فأبو الوليد. قلت له: فإني سمعته يقول: بينا أنا أكتب عند شعبة إذ بَصُرَ بي، فقال: وتكتب؟ فوضعت الألواح. وقال أبو حاتم: كان إمامًا فقيهًا عاملًا ثقة حافظًا ما رأيت في يده

<<  <  ج: ص:  >  >>