للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وستًا وخمسًا وأربعًا، فجمع عمر الناس على أربع كأطول الصلاة. وقال ابن عبد البرّ: لا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال: يزيد في التكبير على أربع، إلا ابن أبي ليلى.

وفي المبسوط للحنفية أن أبا يوسف قال: يكبر خمسًا، وقد روى ابن أبي داود عن أبي سلمة عن أبي هريرة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على جنازة فكبر أربعًا" قال: ولم أر في شيء من الأحاديث الصحيحة أنه كبر على جنازة أربعًا إلا هذا، ولم يذكر حديث النجاشيّ؛ لأنّ الصلاة فيه صلاة على غائب لا على جنازة. وأجيب عن هذا بأن حكم الحاضرة يُعْلم بالأولى.

ولم يذكر التسليم هنا في حديث النجاشيّ، وذكر في حديث سعيد بن المُسَيّب رواية ابن حبيب عن مُطْرف عن مالك، واستغربه ابن عبد البر وقال: إلا أنه لا خلاف بين العلماء من الصحابة والتابعين. فمن بعدهم من الفقهاء، في السلام، وإنما اختلفوا هل هي واحدة أو اثنتان، فالجمهور على تسليمة واحدة، وهو أحد قوليّ الشافعيّ وقالت طائفة تسليمتان، وهو قول أبي حنيفة والشافعيّ. وهو قول عمر وابنه عبد الله وعليّ وابن عباس وغيرهم.

وقال الحاكم: صحت الرواية بالواحدة عن ابن عمر وعليّ وابن عباس وغيرهم، وسأل أشهبُ مالكًا: أتكره السلام في صلاة الجنازة؟ قال: لا، وقد كان ابن عمر يسلم، قال: فاستناد مالك إلى فعل ابن عمر دليل على أنه، -صلى الله عليه وسلم-، لم يسلِّم في صلاته على النجاشى، ولا على غيره.

وفي قوله: خرج إلى المصلّى، دليلٌ على أنه لا يصلّى على الجنازة في المسجد؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أخبر بموته في المسجد، ثم خرج بالمسلمين. وهذا هو قول مالك وأبي حنيف وابن أبي ذيب، وعند أبي يوسف أن أُعِد مَسْجدٌ للصلاة على الموتى لم يكن في الصلاة فيه عليهم بأس. قال النوويّ: لا حجة فيه للحنفية، لأن الممتنع عندهم إدخال الميت المسجد، لا مجرد الصلاة عليه، حتى لو كان خارج المسجد جازت الصلاة عليه هو، لمن داخله. وعند المالكية لا فرق بين أن يكون الميت داخل المسجد أو خارجه، إلا أن يضيق خارجه بأهله، فلا بأس أن يصلي عليها من بالمسجد بصلاة الإِمام. وعند الشافعيّ وأحمد وإسحاق وأبي ثور: لا بأس بها إذا لم يخف تلويثه. واحتجوا بما أخرجه مسلم أن سعد بن أبي وقّاص، لما توفي، أمرت عائشة رضي الله تعالى عنه بإدخال جنازته المسجد حتى صلّى عليه أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم قالت: هل عاب الناس علينا ما فعلنا؟ فقيل لها: نعم. فقالت: ما أسرع ما نسوا ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة سهيل بن بيضاء إلا في مسجد.

قلت: هذا الحديث فيه دلالة قوية لمن كره الصلاة عليها في المسجد، لأنه اجتهاد من عائشة، وما استدلت به دليل عليها لا لها، لأنّ كونه عليه الصلاة والسلام لم يصل على ميت في

<<  <  ج: ص:  >  >>