للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المَاوَرْدِيّ: الزيادة على السبع سرف، وقال ابن المنذر: بلغني أن جسد الميت يسترخي بالماء، فلا أحب الزيادة على ذلك. وقوله: إن رأيتن ذلك، قال الطّيبيّ: بكسر الكاف، خطاب لأم عطية، ومعناه التفويض إلى اجتهادهن بحسب الحاجة لا التشهي، وقال ابن المنذر: إنما فوّض الرأي اليهن بالشرط المذكور، وهو الإيتار. وحكى ابن التين عن بعضهم قال: يحتمل قوله "إن رأيتنَّ" أن يرجع إلى الأعداد المذكورة، ويحتمل أن يكون معناه إن رأيتن أن نفعلن ذلك، وإلا فالإنقاء يكفي.

وقوله: بماء وسدر، قال ابن العربى: هذا أصل في جواز التطهير بالماء المضاف إذا لم يسلب الماء الإطلاق. وهو مبني على الصحيح من أن غسل الميت للتطهير كما تقدم. وقوله: واجعلنَ في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، هو شك من الراوي، أي اللفظتين، والأول محمول على الثاني، لأنه نكرة في سياق الإثبات، فيصدق بكل شيء منه، وجزم في الرواية التي تلي هذه بالشق الأول، وكذا في رواية ابن جريج، وظاهره جَعْلُ الكافور في الماء، وبه قال الجمهور. وقال النخعيّ. إنما يُجعل في الحنوط بعد انهاء الغسل والتجفيف. قيل: الحكمة في الكافور مع أنه يطيب رائحة الموضع لأجل من يحضر من الملائكة وغيرهم، أنَّ فيه تجفيفًا وتبريدًا وقوة نفوذ، وخاصية في تصليب بدن الميت، وطرد الهوام عنه، وردع ما يتخلل من الفضلات، ومنع إسراع الفساد إليه، وهو أقوى الأراييح الطيبة في ذلك، وهذا هو السر في جعله في الأخيرة، إذ لو كان في الأولى مثلًا، لأذهبه الماء.

وهل يقوم المسك مثلًا مقام الكافور إنْ نُظِر إلى مجرد التطيب؟ نعم، وإلا فلا، وقد يقال: إذا عدم الكافور قام غيره مقامه، ولو بخاصية واحدة مثلًا. وقوله: فإذا فرغتنَّ فآذِنَّني، أي اعلمنني. وقوله: فلما فرغنا، هكذا بصيغة الماضي لجماعة المتكلمين، وفي رواية الأصيليّ: فلما فرغنَ، بصيغة الماضي للجمع المؤنث.

وقوله: حَقْوه، بفتح الحاء المهملة وسكون القاف، وفي الحكم الحَقو والحِقو، بالفتح والكسر، والحَقوة والحَقا، كله الإزار، كأنه سمي بما يلاث عليه، والمراد به هنا الإزار، كما وقع مفسرًا في آخر هذه الرواية، تعني إزاره، والحقو في الأصل مَعْقِد الإزار، وأطلق على الإزار مجازًا، وسيأتي بعد ثلاثة أبواب عن محمد بن سيرين "فنزع من حقوه إزاره" والحقو في هذا على حقيقته. قاله في الفتح، وهو واضح، واعترض عليه العيني بأن الحقو لم يقل أحدٌ أنه حقيقة ومجاز، وإنما هو من المشترك، والمشترك حقيقة في معنييه أو معانيه. قلت: من محبته في الاعتراض على صاحب الفتح ذَهَل عما مرَّ عنه قريبًا، عازيًا له إلى المحكم أن تسمية الإزار حقوًا تسمية له بما يلاث عليه، وهذا هو حقيقة المجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>