للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النَّسَائيّ: ثقة، وذكر أبو نعيم والواقديّ أنه ولد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-. روى عن أبيه وعمر وعثمان وعليّ وغيرهم. وروى عنه ابناه سعد وصالح والزُّهري وغيرهم. مات سنة ستين، وقيل سنة خمس وتسعين، وهو ابن خمس وسبعين.

وفي الحديث ذكر حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير وها أنا أذكر تعريفهما.

الأول حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي يكنى أبا عمارة، وأبا يعلى بولديه، عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثُوَيْبَةُ مولاة أبي لهب، كما ثبت في الصحيحين، وقريبه من أم أيضًا, لأن أم حمزة هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بنت عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف، أم النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ولد قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- بسنتين، وقيل بأربع، وأسلم في السنة الثانية من البعثة، وقيل أسلم بعد دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم في السنة السادسة من البعثة، ولازم نصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهاجر معه، وآخى بينه وبين زيد بن حارثة، وشهد بدرًا، وأبلى في ذلك، وقَتَل شيبةَ بن ربيعة، وشارك في قتل عُتبة بن ربيعة، أو بالعكس. وقتل طُعَيمة بن عَدي.

وعَقَد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لواءًا وأرسله في سرية إلى سِيفَ البحر، فكان أول لواء عُقِد في الإِسلام، كما قال المدائنيّ. وقال ابن إسحاق: إن ذلك كان لعُبَيدة بن الحارث، واستشهد بأُحد، وقصة قتل وحشيّ له أخرجها البخاري في الصحيح، وكان ذلك في النصف من شوال، سنة ثلاث من الهجرة، وكان ذلك بعد أن قتل بأحد أكثر من ثلاثين نفسًا. وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين، ولقبه النبي -صلى الله عليه وسلم- أسد الله، وأسد رسوله، وسماه سيد الشهداء.

وفي البخاريّ عن جابر: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في قبر، ودفن حمزة وعبد الله بن جحش في قبر واحد. وفي الغيلانيّات عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقف على حمزة حين استشهد، وقد مُثَّل به، وجعل ينظر إليه منظرًا كان أوجع قلبه منه. فقال: "رحمك الله" أي: عَمَّ، لقد كنت وَصولًا للرحم، فَعولًا للخيرات، فوالله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلنَّ بتسعين. قال فما برح حتى نزلت: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "بل نصبر، وكفّر عن يمينه".

وروى أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لولا أنْ تَجِدَ صفيةَّ لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع. ولم يبق أحدٌ من أهل أُحد إلا مثل به الكفار ما عدا حنظلة بن الراهب، تركوا التمثيل به, لأن أبا عامر الراهب كان يومئذ مع أبي سفيان، وما مثلوا بأحد مثل حمزة، جَدَعَت هندٌ أنفه،

<<  <  ج: ص:  >  >>